صورة نمطية للمرأة لا تتغير في أغلب عروض الدراما العربية التاريخية تحديدا، فهي إما جارية للمتعة او الخدمة او سيدة جاهلة يغلب عليها تدبير المكائد والجرائم لأجل ان تكون هي المحظية عند الزوج، والذي يستولي على اهتماماتها دون سواه حتى وهو يعاملها بالسوء ويجمع معها في نطاق ضيق اكثر من واحدة، ناهيك ان كان صاحب جاه او نفوذ فهي واحدة من عشرات النساء والجواري. للأمانة فهذه الاعمال تكرس تلك الفكرة لدى البعض ان المرأة في الإسلام ليست إلا محط متعة لا اكثر، مع ان التاريخ خلد للكثير منهن بل والانطباع العام عما ذكر عنها في السير انها صاحبة عقل راجح وفكر وشجاعة، وهذا لا يتعاكس مع كونها اما وزوجة بل كانت تجمع بين ذلك ومهمتها كعضو فاعل في مجتمع تتشارك كل فئاته في البناء والعمل، هكذا كانت قبل وبعد ظهور الاسلام، وإن كان هناك من قصور فيما تقوم به في العصور اللاحقة لصدر الاسلام فالسبب يعود للانشغال بمتع الحياة من قبل الرجال ووضع النساء في قائمة متعهم واستغلال ما جبلت عليه من غيرة وحب للتميز لبث روح المنافسة بينها وبين بنات جنسها واشغالهن فقط بالبحث عن الوسائل التي تعينهن على التربع في قلب صاحب السعادة الرجل. أعمال درامية تشاهدها وتحزن ليس على تصوير المرأة فحسب وإنما ايضا الرجل، وكيف هي الحياة العبثية لقائد او حاكم جل اوقاته يصرفها في التفكير في متعه بعيدا عن هموم الناس ومشاكلهم، ولا ندري هل في الطرح مصداقية لما كان عليه الوضع في تلك الفترات ام هو تجنٍ وبعد عن الحقيقة، وان كان هناك عصور شهدت بالفعل مثل هذا اللهو وكثرة الجواري وانتشار المتع بكافة صورها. الطرح الذي عاد محفزا لهذه الصورة مسلسل "سرايا عابدين" وان كان يرصد لمرحلة مهمة لتاريخ مصر وشخصية هامة في تلك الفترة (الخديوي اسماعيل) الا ان ما قدم ليس الا سردا لحياة شخصية شابة لا يشغل باله الا امر نساء السرايا وما يقام داخلها من حفلات رقص وغناء، ولم نشاهد الخديوي حاكم المحروسة الا في مشاهد شحيحة يسدي الاوامر ويحل المشاكل بين زوجاته وجواريه، وان كان هناك من انجازات سياسية او تنموية في عهده فالمسلسل لم يطرحها بوضوح وهنا يمكن ان تكون الدراما مجحفة وظالمة لمثل هذه الشخصيات التي بتقديمها لها على هذا النحو تنسف تاريخا آخر دون في الكتب، وهنا يبقى السؤال المعلق اين الحقيقة؟!