قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد مستشار الديوان الملكي، إمام وخطيب المسجد الحرام ورئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقاً، في تحذيره من انتشار الفتن في الإعلام برمضان: «يتجلى في هذا الشهر الكريم استعداد المسلم للتغيير وقبول التغيير والتفاعل مع التغيير وإدراك فقه التغيير، كما يتجلى من حكم هذا الشهر وأسرار الصيام أن التغيير لا يأتي من خارج النفس، بل من داخلها وصميم إرادتها، كما قال تعالى: (إن اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، وإن مما يستدعي التوقف والتأمل في هذا الشهر الكريم والحديث عن التغيير وضبط الإرادة ما تميّز به هذا العصر من سرعة التغير وسهول التواصل وسرعة الاتصال، ويأتي في مقدمة ذلك ما يتداوله الناس من مصطلحات الانفتاح وحرية الفكر والحرية الشخصية». وأضاف ابن حميد: الحياة والمسلمون في شهر الصوم ليست مجرد متعٍ وغرائز وشهواتٍ منفلتة، والحرية الشخصية لا تعني استباحة المحرمات والإقدام على ممارسة النزوات والمحرم من الشهوات، وحرية الفكر والإعلام والانفتاح لا تعني عدم المحاسبة أو التهاون في حراسة الفضيلة وحماية الأخلاق، ولا تعني الجرأة على المعاصي والوقوع في حمأة الرذائل والانحلال، يتولى كبر ذلك قنواتٌ وبرامج ووسائل مكتوبةٌ ومسموعةٌ ومشاهدة تتعمد اصطناع موضوعات وبرامج مثيرة تحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وتقصِر الناس على قبول المجون وتنخر في صميم العقائد والأصول والثوابت، والتركيز على الجوانب السيئة والصور المظلمة لتلتقط شواذه وتخرج على الأصول والقيم، وهذا حملٌ للناس على أن يألفوا المنكرات وإفساد لمعنى الحرية والانفتاح والحرية الشخصية وعبثٌ بدلالتها. وأشار الشيخ إلى أن من أبرز ما اقترفته هذه الوسائل نشر أخبار المجون، وأنباء الخلاعة وتحويل الأحداث الفردية والمسالك الشخصية وكأنها ظواهر اجتماعية، وقال: إن هذا السلوك في حقيقته ومآلاته مجاهرةٌ بالمعاصي وإعلانٌ بالفحشاء، وقد علموا أن المجاهرة تمزيقٌ لأستار الستر ومبارزةٌ لله بالمعاصي، وهي شذوذٌ في السلوك مع قلة ورع وضعف وازع من الدين والخلق، ولا يقف ضررها عند حدود مرتكبها.. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرون، ومن المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يصبح وقد ستره الله عليه.. فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه» متفق عليه. وفي ختام حديثه وجه بن حميد نصيحة للأمة للحدّ من هذا الأمر، قال فيها: الجميع مسئولون المنفذ والمخطط والمدبر والمستفيد والراضي والفاعل ، ومن أجل ذلك كله فيجب أخذ المبادرة لحماية المجتمع والشبيبة من هجمات شرسة تقودها بعضٌ من وسائل إعلام آثمة وقنواتٍ مأجورة، ومع شديد الأسف فإن الإعلام والإعلان يقومان بوظائف مكروهة في المجاهرة والترويج للمحرمات والتهوين من شأن الموبقات، ولا بد من وضع خطة إعلامية تربوية للتوعية والتوجيه وتعزيز دور الأسرة والمؤسسات التربوية ووضع معايير وضوابط للنشر والبث وتسويق المواد الإعلامية وإنتاجها واستيرادها، كما يجب إعزاز دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاحتساب، قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب).