أنجيلا ميركل هي تقريباً المستشارة الألمانية الأكثر تأييداً لأمريكا والتي يمكن للولايات المتحدة أن تأمل بها. فتصور مقدار الغباء- ليست هناك فعلاً كلمة أفضل- بالنسبة للولايات المتحدة حين تسمح لوكالات استخباراتها بأن تجعل الحياة صعبة للغاية بالنسبة إلى ميركل. خلال الأسبوع الماضي، بدأت النيابة العامة الألمانية التحقيق في محاولات وكالة الاستخبارات المركزية لتجنيد اثنين من البيروقراطيين الحكوميين على مستوى منخفض، بل وعلى مستوى أدنى من الكفاءة المشكوك فيها. (أحدهما أرسل معلومات سرية على جوجل جيميل) ونتيجة لذلك، تتعرض ميركل لضغوط للوقوف في وجه الولايات المتحدة، واتخذت خطوة غير مسبوقة في مطالبة ممثل وكالة الاستخبارات المركزية في برلين لمغادرة البلاد. لا شك أن الحلفاء يتجسسون على الحلفاء، والولايات المتحدة لديها أسباب للتجسس على ألمانيا. فهي القوة المهيمنة في الاتحاد الأوروبي، واتصالاتها مع روسيا والصين وإيران ذات فائدة محتملة. لهذه الأسباب وغيرها، فإن اتفاقية لعدم التجسس مماثلة لتلك التي لدى الولايات المتحدة مع بريطانيا ربما تكون غير قابلة للتطبيق. في نفس الوقت، هناك المصالح الأمريكية الأوسع التي يمكن أن تخدم أفضل من خلال عدم التجسس. دون الدعم الألماني، على سبيل المثال، سيكون من المستحيل حشد المترددين النمساويين، والبلغار، والقبارصة واليونانيين وغيرهم على الموافقة على فرض عقوبات ذات مغزى من الاتحاد الأوروبي على روسيا. الدعم الألماني هو أيضاً حاسم للتوصل الى اتفاق تجارة يتم التفاوض عليه منذ فترة طويلة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. في كل هذه الجهود، ميركل تلعب دوراً مهماً للغاية. معظم الالمان يعارضون فرض مزيد من العقوبات على روسيا؛ وإذا طلب من ميركل أن تدعم العقوبات، فإنها سوف تضطر إلى المخاطرة برأس المال السياسي الداخلي لها. وفي الوقت نفسه، بعض من شركاء التحالف الاشتراكي لميركل اغتنموا فرصة فضيحة التجسس كدليل على أن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها بما فيه الكفاية على حماية البيانات والخصوصية للدخول معها في صفقة تجارية. ميركل لا تزال من بين أقوى المؤيدين للاتفاق- ولكن مرة أخرى، جعلت وكالة المخابرات المركزية الأمر أصعب من قبل بالنسبة لها. وينطبق الشيء نفسه على الجهود الرامية إلى الحصول على موافقتها على نقل أصول منظمة حلف شمال الأطلسي من ألمانيا إلى بولندا أو دول البلطيق. كان لدى الولايات المتحدة تحذير وافر وعلامات تشير إلى أن المتاعب تختمر. قبل عام، صدم الألمان حين اكتشفوا أن وكالة الأمن القومي الأمريكي أكثر نشاطاً في بلدهم من أية دولة أخرى في أوروبا، مع مئات من وكلاء التصيد للبيانات في ألمانيا وجميع أنحاء العالم، انطلاقاً من قواعد في جميع أنحاء البلاد. وفي أكتوبر 2013 جاءت التسريبات بأن وكالة الأمن القومي قد قامت بالتنصت على الهاتف المحمول لميركل، وهو ما تسبب في مزيد من الغضب. تاريخ الفترة النازية، وجهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية الشيوعية، يجعل الألمان ذوي حساسية خاصة لعمليات اقتحام الدولة على الخصوصية. وعد الرئيس باراك أوباما في يناير كانون الثاني بأن يكون التنصت أقل على زعماء التحالف. وقال أيضا إن الولايات المتحدة ستسأل «أسئلة صعبة حول ما يجب علينا القيام به» قبل التجسس على الأصدقاء. يبدو أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تحصل على مذكرة أوباما. الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لعجز الاستخبارات أن يهدد الأولويات الاقتصادية والدبلوماسية. لا يمكن أن نتوقع من وكالة الاستخبارات المركزية أو وكالة الأمن القومي أن تكبح جماح نفسها بنفسها. والأمر متروك لأوباما لإيصال الرسالة، لأنه مهما كانت المعلومات التي حصلت عليها الولايات المتحدة من الشخصين اللذين يعملان لصالحها، فإنه من غير المرجح أن تكون تستحق هذه التكلفة.