ليس المنتخب الأرجنتيني ميسي فقط.. هكذا لسان حال "أنخيل دي ماريا " الذي سجل هدفا قاتلا في اللحظات الأخيرة من الوقت الإضافي؛ ليقود "راقصي التانجو" إلى الفوز بصعوبة على سويسرا بهدف نظيف، والتأهل إلى دور الثمانية بكأس العالم. وبينما كانت المباراة في طريقها إلى ركلات الترجيح، توغل ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم أربع مرات نحو منطقة الجزاء في الدقيقة 118، ومرر كرة نحو دي ماريا الذي سدد كرة أرضية على يمين الحارس السويسري دييغو بيناليو. ويتمنى دي ماريا أن يسجل اليوم في مواجهة منتخب بلاده وبلجيكا في الدور ربع النهائي؛ ليؤكد موهبته وأنه قادر على مزاحمة ميسي في حب جماهير الأرجنتين. ولد انخل فابيان دي ماريا هيرنانديز في 14 فبراير 1988 في روساريو بالأرجنتين، يلعب حالياً مع نادي ريال مدريد الأسباني بمركز الجناح الأيسر. بدأ دي ماريا مسيرته الكروية الاحترافية في 2005 عندما لعب لأول مرة مع نادي روزاريو سنترال. وفي يناير 2007 أخذ فرصته للعب في الدوري الروسي عندما قدم له نادي روبن كازان عرضاً، في البداية وافق لكنه سرعان ما غير رأيه ورفض العرض. وبعدما قدم عرضاً رائعاً في كأس العالم للشباب تحت 20 سنة 2007، لفت أنظار عدة فرق أوربية، وفي الأخير وقع عقدا مع نادي بنفيكا. انتقل أنخل دي ماريا لنادي بنفيكا البرتغالي في يوليو 2007. وكان بديلاً لسيماو سابروسا، وحانت فرصته بعدما انتقل سماو سابروسا إلى نادي أتليتكو مدريد الإسباني، وكان دي ماريا يتمتع بتقدير واحترام عال من رئيس نادي بنفيكا لويس فيليبي فييرا، فعندما قدم اللاعب الأرجنتيني الشاب قال لمشجعي النادي: انه اشترى البديل الأمثل لقائد الفريق المغادر سيماو سابروسا. وخلال الأشهر الأولى له في لشبونة أثبت أنه لاعب ذو وزن ثقيل عكس التوقعات، وبدأ المشجعون بالالتفاف حول نجمهم الصاعد. وفي 27 فبراير 2010، سجل دي ماريا أول هاتريك له في مباراة انتهت بفوز فريقه 4-صفر على ليتشويس. وفي اليوم التالي وصفت جميع الصحف البرتغالية اللاعب بأنه "ماريا الساحر". وبدأت مرحلة التألق في الدوري البرتغالي ودوري أبطال أوروبا. وانتقل دي ماريا إلى ريال مدريد بصفقة قدرت ب25 مليون يورو لمدة 6 سنوات وراتب سنوي يقدر ب2 مليون يورو. وتوج اللاعب جهده مع النادي الملكي باختياره أفضل لاعب في المباراة النهائية التي جمعت الريال بمواطنه أتلتيكومدريد. وجاءت الجائزة ثمرة للأداء القوي والدور الكبير الذي قدمه دي ماريا مع الملكي، ومساهمته بشكل قوي في تتويجه باللقب العاشر في تاريخ الميرينجي. وتسلم نجم منتخب التانجو جائزة أفضل لاعب في المباراة من الأسطورة السير أليكس فيرجسون، مدرب مانشستر يونايتد الأسبق، والذي شاهد المباراة من داخل الملعب، بمدينة لشبونة البرتغالية. فيما ذكرت صحيفة "ماركا" الأسبانية، أن ريال مدريد حدد 50 مليون يورو للاستغناء عن خدمات نجمه الأرجنتيني دي ماريا. وترغب 4 أندية في شراء دي ماريا هي: يوفنتوس الإيطالي ومانشستر سيتي الإنجليزي وموناكو وباريس سان جيرمان الفرنسيان. ويحاول المدير الفني لنادي ريال مدريد كارلو أنشيلوتي اقناع إدارة الفريق الملكي بالاحتفاظ بالجناح الأرجنتيني المتألق في مونديال 2014 أنخل دي ماريا لموسم آخر، حيث انتشرت العديد من الأخبار والتقارير عن اتخاذ اللاعب لقرار الرحيل لعدم رغبة الريال في تحسين عقده. وقالت صحيفة ماركا، المقربة من ريال مدريد: إن أنشيلوتي يصلي من أجل استمرار أنخل دي ماريا على سنتياجو برنابيو، ما ينفي اتجاهه نحو تغيير خطته خلال الموسم المقبل كما أشيع في الآونة الأخيرة. وقيل أن ريال مُهتم بشراء لاعب وسط فولفسبورج الألماني لويز جوستافو، رغبة من أنشيلوتي في تطبيق نفس الطريقة التي حقق بها نجاحات كبيرة رفقة ميلان مع الثلاثي "بيرلو، جاتوزو، كاكا" منذ عام 2003 حتى 2007. دي ماريا كشف في حديث أجراه نهاية شهر مايو بعد أن توج بلقب أفضل لاعب في نهائي لشبونة بدوري أبطال أوروبا، عن انتظاره لتحسين عقده ومساواته ببعض نجوم الفريق الذين لا يقدمون عطاءات تفوقه، لكن إدارة الريال لم تحرك ساكنًا فلا تزال تنتظر العرض المناسب لبيعه إلى أحد الأندية الكبرى من بينها: آرسنال ومانشستر سيتي وموناكو. وأكدت "ماركا" أن ريال يسعى إلى استغلال حاجة مانشستر يونايتد لجناح من الوزن الثقيل بعد فشل "ناني، داني ويلبيك، آشلي يونج، بيبي وكاجاوا" في تأدية هذا الدور، وأبدى استعداده لبيع أنخل لليونايتد بالذات إذا وضع مبلغ 40 مليون جنيه إسترليني على طاولة المفاوضات، وأشارت الصحيفة ذاتها إلى أن أنخل قد يكون بوابة انضمام هداف المونديال جيمس رودريجيز إلى الريال بعقد صفقة تبادلية مع إدارة نادي موناكو الفرنسي. وكان ريال مدريد دفع حوالي 23 مليون جنيه إسترليني؛ لشراء أنخل دي ماريا من بنفيكا البرتغالي قبل أربع سنوات، ويرى أن هذا التوقيت الأفضل لبيعه في ظل ارتفاع أسهمه في بورصة الانتقالات مع تألقه الملفت في كأس العالم رفقة التانجو. ونال دي ماريا إشادات من منافسه منها: ما قاله أخيرا حارس مرمى منتخب بلجيكا تيبو كورتوا عن مواجهة منتخب بلاده مع منتخب الأرجنتين اليوم في الدور ربع النهائي من بطولة كأس العالم (2014)، حيث قال حارس مرمى أتلتيكو مدريد الأسباني: "الأرجنتين لديها هجوم جيد جداً ولكنه لا يتوقف فقط على ليونيل ميسي، هناك أيضاً هيجواين، دي ماريا، لافيتزي وأجويرو، ولكنهم ليسوا أقوياء في الدفاع ونحن يجب أن نستفيد من ذلك". وحول الدفاع الذي يعتبر نقطة ضعف الأرجنتين في نهائيات كأس العالم في البرازيل اضاف: "نأمل أن نتمكن من الفوز ولكن ذلك سيكون صعباً، التفوق على دفاع المنتخب الأرجنتيني يتطلب هجوما منظما بشكل جيد للغاية". ورداً على سؤال حول رأيه في المباراة بين الأرجنتينوبلجيكا قال: "مباراة اليوم ستكون مباراة كبيرة ورائعة لأن منتخب الأرجنتين لديه فريق عظيم، لقد أثبتنا خلال بطولة كأس العالم الحالية أننا تطورنا كثيراً في المستوى". كان فوزه بدوري الأبطال مع الريال المهمة الأبرز في حياته حتى الآن، ولقب برجل نهائي لشبونة الذي جلب اللقب القاري العاشر للنادي الملكي ريال. وكان دي ماريا قاب قوسين من الرحيل عن ريال مدريد في الانتقالات الصيفية، وتعرض لصافرات استهجان في سانتياغو برنابيو قبل أن ترفعه الجماهير على الأعناق.. كل ذلك جعل لديه دافع للتألق أكبر بدوري أبطال أوروبا. أنخل دي ماريا ابن مدينة روساريو الأرجنتينية، الجناح المهاري الفذ الذي ترعرع في بنفيكا، وصقل موهبته مورينيو في الريال، وحافظ عليه أنشيلوتي من الضياع بعد أن وضع قدما خارج النادي الملكي، كان يخفي مشاكل أسرية جمة تؤرق نومه، لكنه تغلب عليها وجعل منها وقودا للإبداع. راقب دي ماريا احتفالات زملائه على عشب ملعب لالوش في لشبونة بعين تبكي حزنا والأخرى تبكي فرحا، فقد وجد أطفال اللاعبين يركضون ويستمتعون مع آبائهم بلحظة التتويج بالكأس الأوروبية الغالية، بينما يتذكر راقص التانجو أن طفلته كانت تواجه الموت. فقد كشفت جورجيلينا كاردوزو زوجة دي ماريا عن السر الذي لم تعرفه جماهير الميرينجي، ولا جماهير الكرة في العالم أجمع، وهو مرض طفلتهما الأولى "ميا" بعد الولادة مباشرة، وتحذير الأطباء من أن أيامها في الدنيا معدودة. ولدت "ميا" يوم 22 أبريل العام 2013، قرب انتهاء الموسم الكروي قبل الماضي، بعد عملية قيصرية أعقبت سبعة أشهر فقط من الحمل، لكنها خرجت للنور في حالة خطيرة. في أول شهرين ظلت "ميا" تحت المراقبة، كانت بين الحياة والموت، بينما عاش دي ماريا أياما عصيبة مع جورجيلينا، وكان مجبرا على السفر واللعب مع فريقه والابتسام في وجوه زملائه، لكنه خبأ حزنا عميقا بداخله ولم يبح لأحد عن مرض ابنته. كان الضغط شديدا على دي ماريا في مستهل الموسم الجديد، الشائعات تلاحقه من كل حدب وصوب، وصول الويلزي جاريث بيل كلف فلورنتينو بيريز مبلغا خياليا كان يسعى لتعويضه بشتى الطرق، حتى لو فرط في أوزيل وهيجواين وكاليخون والبيول، وتوقعت الصحف رحيلا وشيكا للأرجنتيني النحيف. وعزز تلك الشائعات مشاهد لدى ماريا وهو يعترض على تغيير أنشيلوتي له في مباراة أوليمبيك شاطبة بالكأس، فلم يجلس على مقاعد البدلاء وتوجه مباشرة لغرف الملابس بعد أن جادل مدربه لفظيا. ثم هاجم مشجعو الريال دي ماريا بسبب هبوط مستواه وأنانيته، فطالته بعض الشتائم وصافرات استهجان، فكان تصرفه "الايحائي" الخارج عن المألوف أثناء استبداله بجاريث بيل في البرنابيو خلال مباراة امام سلتا فيجو بالليجا. قلق دي ماريا على طفلته كان مبررا لخروجه عن شعوره وتصرفه بانفعال، لكن الحكيم أنشيلوتي كان خير داعم للاعب، فطالما دافع عنه وتمسك به ورفض رحيله عن النادي رغم تلقيه عروضا مغرية. في تلك الأثناء كانت الطفلة "ميا" تضرب مثلا لوالدها في الصمود والمقاومة من أجل البقاء، فمرت الأيام والشهور وحالة الطفلة بدأت في التحسن، فيما كان والدها يقدم أروع العروض في المستطيل الأخضر محليا وأوروبيا وبقميص منتخب بلاده. ومن تلك المحنة استمد دي ماريا روحا قتالية هائلة، حتى حين تغير مركزه من الجناح للاعب الوسط وتقيّد نسبيا دون تأدية ألاعيبه الهجومية وتهديداته للمرمى، وأصبح الهتاف باسمه أمرا معتادا لدى أنصار الفريق الأبيض، فقد كان مستواه ثابتا وفي تطور مستمر. أكملت "ميا" من العمر عاما كاملا، وسمح لها الأطباء قبل بضعة أسابيع من نهائي لشبونة بالعودة الى منزل والدها، لتتصرف كأي طفلة تشع بالبهجة في دار الأسرة الصغيرة، ورفع ذلك أكثر من معنويات والدها، الذي طالما كان يحتفل بأهدافه بلعق إصبعه إهداء لها، وقطع وعدا على نفسه بمنح الكأس ذات الأذنين لكريمته، وجعلها تفتخر به حين تكبر، وهو دون شك يفتخر بها لأنها مصدر الهامه. في خضم فرحة الأب دي ماريا بالتتويج بالتشامبيونز ليج وحصوله على جائزة أفضل لاعب من أليكس فيرجسون، كانت جورجينا كتبت إهداء للطفلة "ميا" نشرته بمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام؛ لتفصح أخيرا عن السر الذي ظل طويلا طي الكتمان.