** "أسكت" يا عبد الواحد .. وعبد الواحد صامت .. لائذ بالجدار والاطار .. لا يخرج إلى أحد .. ولا يتحدث إلى أحد. لقد اكتشف أخيرا أن للصمت لغة ثالثة أبلغ من .. كل الكلام. ** كان يقفز من الطاجن كلحم (الضب) المذبوح وكفه على عنقه.. لا يطيق لحمه الحريق.. ولا الكذب ولا التزلف والنفاق .. فأتعب وتعب.. وأثر أخيرا في خريفه الآفل الى السقوط أن يبتعد ويترك الخلق لخالقهم فهو أبصر به وبهم. ** ولكن هذا "العراب" المتحذلق مازال يعتقد أنني أعترض .. أو أنتقد ولم يدرك أن الموتى لا يتكلمون. لقد رحلت من كانت تذكرني أنني أتحدث أثناء النوم وأضحك وأصرخ وأقرأ آية الكرسي.. كل هذا.. وأنا نائم ولم يبق لي بعد رحيلها رحمها الله من أحلامي أو ضحكي أو جنوني شيء.. فحتى الكوابيس التي ألفتها في ليلى لم تعد تثيرني، فكوابيس النهار أشد سطوة وأكثر قسوة. لقد رحلت من كانت تذكرني أنني أتحدث أثناء النوم وأضحك وأصرخ وأقرأ آية الكرسي.. كل هذا.. وأنا نائم ولم يبق لي بعد رحيلها رحمها الله من أحلامي أو ضحكي أو جنوني شيء .. فحتى الكوابيس التي ألفتها في ليلى لم تعد تثيرني، فكوابيس النهار أشد سطوة وأكثر قسوة ** الآن ما عاد الكلام ذا معنى لا في الصحو ولا في النوم. ** يا عراب الأبراج العالية لماذا تحاول أن تدفعني أن أهبط من زحل.. أنا كائن قد رحل لا يعنيني من أمركم شيئا .. انحروا كل حروف الأبجدية كما تريدون.. وتبرزوا في عيون البلاد والعباد كما تريدون .. وأسقطوا من شئتم، وارفعوا ما تشاءون.. وسخنوا الجبهات والحدود .. وحطموا القيود بالكلام كما تريدون .. واهتفوا لمن عق .. أو شق أو أشعل الحريق.. وانتعلوا كل مبادئ الخير والحب والسلام .. واختاروا طريقكم زحفا أو ركضا الى مصالحكم ومنافعكم.. فالمسار الى غاياتكم واضح كل الوضوح.. لا لبس فيه.. ألستم الناشطون في كل شيء ؟ في الكذب .. والسياسة .. والبهتان والجحود .. والعقوق .. والخلاص مما علق بلحى أجدادكم من تراب هذه الأرض .. ومن ألهبت رمضاء صحراءها أقدامهم.. فما أنكروا خيرها في أيام شحها وجفافها.. وهأنتم تنكرون خيرها في أيام عزها ومجدها وخيرات أرضها. ** والله لقد كان من واراهم الثرى من آبائنا وأجدادنا الذين صنعوا مجدها أحق منا بخيرها.. اولئك الذين مشوا حفاة خلف راية التوحيد مع الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ليوحدوا البلاد ويرسخوا مبادئ الخير والأمن بين قبائل متناحرة تأكل بعضها.. أولئك الأبطال الذين لو نطق الثرى بكفاحهم وصبرهم وجهادهم لتضاءل كل مجد نصنعه بعدهم. ** يا عَرْابي هذا الزمن الأغبر : أين أنتم من كفاح أجدادكم .. ولا أزيد.