** مسيرة الأمم المتقدمة قائمة على هذه التجربة الإنسانية: صُنْع أخطاءٍ كثيرة، لا بأس. ولكن لا يُعادُ تكرارها أبدا! متى رأيتَ أمة أو مجتمعا أو فريقا أو طائفة أو فردا يكثرون من الأخطاء ويزيدون في تكرارها، فاعرف أنهم معجونون قدَراً مع عناصر الفشل. نحتاج بطبيعة سلوكنا وتكويننا البشري، وضرورة لنمو النضج الإدراكي بعقولنا، أن نخطئ، وأن نعمد للفوضى والتسيّب أحيانا، هذا خَتْمُنا كبشرية. إلى حدٍّ منطقي وطبيعي كبيرين الأخطاءُ من طبيعة المسار الحياتي، ولا يمكن تجنب حصولها أبدا، بل إن حياةً خاليةً من الأخطاء ستكون خالية من التجارب، والخلوُّ من التجارب يعني الخلوَّ من المحاولة، والخلو من المحاولة يعني عدم الحاجة لأروع آلةٍ في الكون: العقلُ البشري. الأخطاء هي الأخطاء، أنسيتَ ملابسك عند المغسلة، أو لم تحضر حاجيات المنزل التي أوصتك عليها زوجتك، أو نسيان تحضير الدرس، إلى الأخطاء التي تكبر بحجم إدارة كامل الدولة، نفس المسببات، في إدارة أي شيء، من الدكان إلى الإدارات التنفيذية القصد هو النمو والازدهار في كل مجال، وبالتالي لا يمكن أن تسمح أن تضع بائعا خائبا في الدكان وتعطيه فرصة أخرى متى فشل، فلن يستطيع المحل تحمل خسارتيْنونفس الدواعي.. ولكن، ما لا يسمح هناك لا يسمح هنا. عندما تنسى أن تجلبَ ملابسك من المغسلة هي مسئوليتك وحدك ولا تلوم وتقرّع إلا أنت، ولكن عندما لا يستطيع الناسُ أن يغسلوا ملابسهم لأن المغاسلَ في البلاد توقفت بسبب خطأ إداري رسمي مثلا، فهذا خطأ ستكون عواقبه على الجميع.. وهنا الخطأ يكون مسئولا، والعقاب يكون واجبا، والأهم عدم تكرار الخطأ، فوجود الخطأ الأول ببساطة يعني أن الذي يدير مرفق المغاسل بالأمة.. فاشل. في إدارة أي شيء، من الدكان إلى الإدارات التنفيذية القصد هو النمو والازدهار في كل مجال، وبالتالي لا يمكن أن تسمح أن تضع بائعا خائبا في الدكان وتعطيه فرصة أخرى متى فشل، فلن يستطيع المحل تحمل خسارتيْن. وإن كان ذلك في الدكان فالأجدى أن يكون بالأمّة. عُد لي الأخطاءَ الكبرى في مجالاتٍ عدة بمرافق البلاد، وستجد أخطاءً بعضها الأرض ذاتها تقلع أديمُها غيظاً من الغباء والإهمال المفرط الذي يسبب الدواهي.. ثم تنجلي الأزمة، لا، لا تنجلي الأزمة، بل ينجلي الغبارُ لينكشف لنا أن الخسائرَ الفادحة باقية.. وأن الفاشلين مرتكبي الأخطاء باقون! هذه وصفةٌ حمقاء ولكنها سريعة المفعول لتجميد شرايين الأمة، وسد أوردتها، وقفل قلبها؛ دينامو الحياة. إن المجاملة إن جازت في شيء، فلا تجوز بالخطأ المتعدي، أي خطأ يتعدى ذات المخطئ يجب أن يعالَج بالحال.. هناك أخطاءٌ بريئة نعم، نسامحهم ، لا نعاقبهم، ولكن لا نعيد وضعهم في ذات مجال احتمال ارتكاب الخطأ مرة ثانية، إننا عندما نعيد المخطئ لمكانه ، فمتى ثارَ خطأٌ جديد، فالخطأ يتعداه إلى من أعاد تثبيت وضعه بعد خطئه الأول.. إنك تريد إبداعا وإخلاصا، والفاشل نقيض المبدع.. إن أي طفلٍ يحبو على ركبتيْه سيقول لك النتيجة! أما إذا كان الخطأ فادحا، وضاعت المليارات، وفُقدت الأرواح.. وبقي المخطئون، فعفوا.. يجب أن أنهي المقال! [email protected]