لا أدري لم يصر الكثيرون على أن العالم لا هم له سوى محاربتنا؟ وأن الشاغل الأول للعالم بإعلامه، وجامعاته، وأفلامه، هو محاربة عقيدتنا، وجرنا إلى ثقافة وعادات تبعدنا عن تعاليم الإسلام، لماذا يظن البعض أننا نتعرض لمؤامرة دائمة على الإسلام، أتعجب من الإصرار على نظرية المؤامرة التي يقودها الكافرون ضد المسلمين، ومصدر تعجبي أن وراء هذا الإصرار، منطقا مشوشا، فالعالم ليس منشغلا بعقيدتنا لهذا الحد، وإن كان منشغلا بالتأكيد بثرواتنا، فالعلاقات الدولية تقوم على المصالح الاقتصادية، وجوهر السياسة هو خدمة المصالح، ولا يشكل اختلاف الدين عقبة أمام أصحاب المصالح المتفقة، إن المشكلة الكبرى بنظرية المؤامرة أنها تبعدنا عن الحقيقة، وبدلا من البحث مثلا حول الأسباب الاجتماعية للتطرف الديني بمنهج علمي، نكتفي بلوم الغرب الكافر الذي ظلم المسلمين وحاربهم فأنتج التطرف والعنف، وأصحاب نظرية الغزو الفكري يتفقون مع نظرية المؤامرة تماما وبشكل أكثر خطورة، فالغرب بالنسبة لهم، هو الشيطان الذي يدفع المسلم للرذيلة، ينتج أفلاما تكلف مليارات، فقط كي يجذبنا للقيم الغربية الهدامة، والمطلوب أن نغلق الانترنت، ونتجاهل السينما والتليفزيون، ونقفل على أنفسنا ولا نرسل أولادنا للخارج لطلب العلم، وهكذا نزداد انغلاقا، وكأن أصحاب هذه النظرية لا يدركون، أن مطالبهم مستحيلة، لأن الزمن قد تجاوزها، المسافات بين الثقافات، إن المشكلة الكبرى بنظرية المؤامرة أنها تبعدنا عن الحقيقة، وبدلا من البحث مثلا حول الأسباب الاجتماعية للتطرف الديني بمنهج علمي، نكتفي بلوم الغرب الكافر الذي ظلم المسلمين وحاربهم فأنتج التطرف والعنف، وأصحاب نظرية الغزو الفكري يتفقون مع نظرية المؤامرة تماما وبشكل أكثر خطورةوالعادات، والقيم المختلفة، أصبحت أقصر، ولا مكان بهذا العالم الذي تتقارب شعوبه لمن يريد الهروب من الآخر، إن أصحاب اتهامات مثل، التغريب، والغزو الفكري، ليس لديهم ثقة بأنفسهم، وهذا حقهم، لكن ليس من حقهم أن يتهموا مجتمعا بأكمله بضحالة الفكر، والضعف أمام المغريات، شبابنا بخير، ولديهم من العلم والإيمان والثقة، ما يؤهلهم للتواصل مع العالم من منطلق المشترك الإنساني، لا تخافوا على شبابنا من التحديث، من حقهم أن يعرفوا ثقافة الآخرين، ويشاهدوا فنون الشعوب المختلفة، ولديهم الوعي الكافي بهويتهم، وثقافتهم، لا تجهدوا أنفسكم كثيرًا بدور الرقابة الأخلاقية، داخل كل شاب مسلم وفتاة مسلمة رقيب، فات أوان الانغلاق، العالم أصبح مفتوحا للجميع، ونحن بقيمنا وحضارتنا جزء أصيل من الإنسانية، ساهمنا في حضارتها، وأضفنا لعلومها، ولا نشعر بالدونية أمام حضارة الغرب، بل نقبل ما تقدم من علم ومعرفة، ونقبل من العادات العصرية ما يتفق مع عقيدتنا وقيمنا، ونرفض ما لا يناسبنا، نحن لا نخشى الآخر مهما اختلف عنا، نحترم الجميع ونثق بهويتنا، إن مجرد متابعتي لحوارات الشباب السعودي على الإنترنت، وملاحظتي لقدرتهم العالية على فهم تناقضات واقعهم، تدفعني للثقة بهم وبالمستقبل. [email protected]