تعبر ردود الفعل المحلية والعربية والدولية على خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، عن المكانة التي كان يحظى بها سمو الراحل، في قلوب محبيه، على كل المستويات. كما تعبر عن الدور الذي لعبه، رحمه الله، في بناء علاقات المملكة مع العالم الخارجي، سواء على المستوى الخليجي أو العربي أو الإسلامي أو العالمي. ولا شك فإن سمو الأمير سلطان ينتمي إلى مدرسة الملك عبدالعزيز الفاتح المؤسس، الذي كان يتمتع بالحنكة في بناء العلاقات محلياً ودولياً، واستلهم أبناؤه هذه العبقرية الخاصة، في حكمة التصرف والسلوك، وصدق القول والعمل. وكان الأمير سلطان تلميذ هذه المدرسة الفذة التي كانت تصنع تاريخ المملكة وتؤثر في العلاقات الإقليمية والدولية. لهذا السبب تمتع سمو الراحل، بطيب القول وحسن التصرف والحكمة في معالجة القضايا التي يتولى شأنها. وظل سمو الأمير سلطان عقوداً يدير واحدة من أهم مؤسسات بناء الدولة، وهي وزارة الدفاع بأفرعها المتنوعة، فسهر بصبر وبذل الجهد في تشكيل وبناء القوات المسلحة حتى غدت قوة ضاربة ومؤثرة تسهر على حماية البلاد وصيانة استقلالها. والتحدي الأكبر أن الأمير سلطان شكل القوات المسلحة على أسس عقيدة عسكرية خيرة، هي أنها قوة دفاعية بحق، تدافع عن الخير وتقمع الشر، وليس من شيمها العدوان أو التجاوز على حقوق الآخرين. وهي عقيدة تستمد من نهج المملكة ومبادئها في تنفيذ المهام العسكرية والسياسية والأمنية. المملكة ليست بلدا عدوانيا أو ينشغل بحياكة المؤامرات للآخرين، أو ينتهز الفرص للقضاء على البلدان الأخرى وانتهاك سيادتها، لهذا فإن القوات المسلحة التي أشرف على بنائها وتطويرها سمو الأمير سلطان تنطلق من هذا النهج السعودي المشهود حتى أصبح عرفاً لدى الدول أن المملكة بلد سلام تدعم الخير والعلاقات الإيجابية بين الدول وتعارض الشر والإرهاب والأطماع وكل ما يعكر العلاقات بين البلدان الشعوب. وتستلهم القوات المسلحة هذه العقيدة روحاً وسلوكاً وعملاً وإنجازاً. لهذا لم تدخل القوات المسلحة في أي حرب سوى حينما تكون مضطرة للدفاع عن سيادة المملكة وتطهير أرضها من المعتدين كما حدث حينما تصدت للمعتدين الحوثيين الذين استخفوا بقوة رد المملكة، فلقوا جزاءهم العادل، ونكصوا على أعقابهم، وكذلك اضطرت القوات المسلحة لخوض حرب حينما اعتدى جيش صدام حسين على الكويت واحتلها ونهب مكتسباتها عام 1990، فشاركت القوات السعودية في مهمة تحرير الكويت حتى عاد البلد الشقيق حراً سيداً على أرضه ومواطنيه وتاريخه. وبذلك فإن القوات المسلحة السعودية تبرهن على أن المملكة بلد سلام يدافع عن الخير ويبذل المال والدم من أجل تحقيقه، ويعادي الشر ويبذل كل ما يمكن من أجل تجنبه وهزيمته.