ما أصعب اللحظات التي تفارق فيها إنسان بكل ما في الكلمة من معنى , كان يحمل في قلبه كثيرا من المعاني الجميلة التي قلما تجدها في كثيرين .. وتزداد الوجيعة وتكون أشد ألما نفسيا عندما يكون هذا الإنسان قدوة ونموذجا يحتذى به .. لذا فإن رحيل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب السمو الملكى الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود صدمة كبيرة ليس في المملكة فحسب وإنما في الوطن العربي بأسره . وقد خسر الوسط السعودي صاحب الابتسامة الشهيرة التي كانت تطرب كل من يسعده حظه أن يتشرف برؤياها , فقد كان رحمه الله صاحب وجه بشوش يواسي أي فريق خاسر ويسعد أي فريق فائز , هي ذاتها البسمة التي يعرفها كل رياضي وهي الأشهر على الإطلاق . وظل القطاع العسكري السعودي مفرخة للعديد من النجوم دعموا الكثير من المنتخبات الوطنية خصوصا في الألعاب الفردية التي كان تلقى اهتماما أقل في المنظومة الرياضية إلا أن رؤية الراحل كانت ثاقبة مما ساعد بشكل كبير على ظهور عدد من المواهب في بطولات العالم والمحافل العسكرية ومن ثم انضموا إلى المنتخبات الوطنية لينطلقوا نحو النجومية في بطولات العالم الكبرى ذات الاهتمام الإعلامي الأكبر ما أعطى الرياضة السعودية دفعة قوية ومنحها طفرة كبيرة جلعها تتبوأ مكانا لائقا في المحافل الكبرى . دعم ورعاية سموه وضعت الرياضة السعودية في مكان لائق بالمحافل الكبرى وترك " سلطان الخير" وهو اللقب الذي كان يحلو لكل السعوديين أن يطلقوه على سموه تركة ثقيلة وكبيرة من العمل الخيري والإنساني والاجتماعي داخل المملكة وخارجها ستبقى خالدة. ومن يقلب في أوراق مسيرته العطرة سيجد الكثير من القيم النبيلة التي تعكس شخصية حملت قلبا أبيض لا يعرف إلا معنى الخير والعطاء . وللفقيد الراحل مواقف لا تُنسى مع أبنائه وإخوانه وجنود الوطن البواسل, بل مع كل مَن لجأ إليه طلباً لحاجةٍ أو مقصدٍ, فكان الخير دائماً يجري على يديه, لا يرد طلبا لمحتاج, ولا شفاعةً لمكروب, ولا مقصداً لمضطر. وأظهر مقطع فيديو مشهور على "يوتيوب"جانباً من المواقف الإنسانية الحانية ل "سلطان الخير", حيث حرص بعد عودته من رحلته العلاجية على الاطمئنان على أبنائه أفراد القوات المسلحة ورجال الأمن المصابين في مواجهة وردع المتسللين، وأصرّ على تقبيل رؤوسهم, كما أسس رحمه الله العديد من المؤسسات الخيرية التي تم تحويلها إلى عمل مؤسسي تشرف عليه جهات خيرية متخصصة تنظيما لأعمالها وضمانا لاستمرارها ومن أبرز تلك الجهات مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية ولجنة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخاصة للإغاثة. وتعد مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية مؤسسة غير ربحية أنشأها وينفق عليها سموه منذ عام 1995.وللمؤسسة عدد من الأهداف الإنسانية والاجتماعية تتمثل في تقديم الرعاية الاجتماعية والصحية والتأهيل الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين ولها أنشطة بارزة في دعم الأبحاث في مجال الخدمات الإنسانية والطبية والعلوم التقنية بالتعاون مع مراكز الأبحاث المرموقة في العالم. وأسس الراحل برنامج سلطان بن عبدالعزيز للاتصالات الطبية والتعليمية (مديونت) ويهدف إلى تقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات للقطاعين الصحي والتعليمي. وأسس كذلك مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم التقنية (سايتك) بهدف نشر مبادئ المعرفة وابتكارات العلوم والتقنية من خلال منهجية التعليم بالترفيه والتعليم بالتجربة والمشاهدة وتنمية حب الاستطلاع والاستكشاف لمختلف الأعمار وبلغت تكلفته الإنشائية نحو 270 مليون ريال سعودي.وأهدى سموه رحمه الله هذا المركز لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في مدينة الظهران في عام 2005 ليستفيد منه أبناء المملكة والخليج. وأنشأ مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية للإسكان وتهدف إلى بناء وتمليك الأسر المحتاجة مساكن عصرية نموذجية وتضمنت المشروعات الخيرية الأخرى لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية العديد من البرامج والأعمال الخيرية والبحوث العلمية التي نفذتها أو دعمتها منها ما هو للجامعات والكليات الأهلية والجمعيات الخيرية أو للمستشفيات الخاصة والعامة أو لتوفير بعض متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة من الأجهزة والمعدات الطبية المساعدة. أما لجنة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخاصة للإغاثة فإنها تهدف إلى تقديم خدمات إنسانية وإغاثية طارئة ودعمت أيادي الفقيد الكبير الكثير من البرامج العلمية والجوائز والمشروعات العلمية في مختلف الجامعات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية داخل وخارج المملكة إيمانا منه بأهمية العلم والعلماء والباحثين في نهضة وتقدم الأمم. وكان من أبرز تلك البرامج كرسي الأمير سلطان للتوعية الصحية وتدريب المعلمين في منظمة الأممالمتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو) والذي أسس في مارس 2001 وكرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز في هندسة البيئة بقسم الهندسة المدنية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وهو أول الكراسي والبرامج والجوائز العلمية في الجامعة. وكذلك كرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتقنية الاتصالات والمعلومات في جامعة الملك سعود وكرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للبيئة والحياة الفطرية في جامعة الملك سعود وكرسي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة الملك سعود. وحظيت البرامج العلمية بدعم الأمير سلطان بن عبدالعزيز ومنها برنامج الدراسات العربية والإسلامية في جامعة بركلي في ولاية كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة. وقام الأمير سلطان رحمه الله بدعم برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتعاون الأكاديمي والثقافي مع جامعة أكسفورد البريطانية لتقديم المنح الدراسية للطلبة السعوديين لدراسة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في مجال العلوم الإنسانية ولدعم برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم اللغة العربية في منظمة يونسكو. ونال مركز الملك عبدالعزيز لدراسات العلوم الإسلامية في جامعة بولونيا في إيطاليا دعم الأمير سلطان ويعنى هذا المركز بدراسة العلوم الإسلامية والتاريخ والفلسفة واللغة العربية واللغات الشرقية. وامتدت يده الكريمة لتدعم الهيئة العربية العليا في فلسطين ومشروع الموسوعة عن القضية في فلسطين ودعم مركز سلطان لجراحة المناظير في كوسوفا ودعم وتمويل برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمي للمنح البحثية والمتميزة في جامعة الملك سعود. كما قام بتمويل ودعم الجمعية السعودية للاقتصاد والجمعية السعودية للإعلام والاتصال في جامعة الملك سعود ودعم الكراسي العلمية في جامعة الملك سعود بمبلغ 50 مليون ريال سعودي ودعم عدد من الجمعيات والفعاليات العلمية في الجامعات السعودية.