حاولت الحكومة السعودية ممثلة في وزارة العمل خلال العقدين الماضيين أن تسيطر على معدلات البطالة المتفشية بين المواطنين مع الارتفاع المطرد في أعداد الأجانب في سوق العمل. مبادرات عدة طرحت لإيجاد حلول متوازنة تدعم جهود التوطين بما لا يضر المنشآت خصوصا في القطاع الخاص وغني عن القول: إن هذه المبادرات لم تحقق الأهداف المرجوة لما شابها من علل متشابهة تتراوح بين قصر النظر الاستراتيجي، التعجل، عدم مراعاة معطيات الواقع، آليات تطبيق منقوصة، أو أهداف غير واقعية. الحال تغير منذ بضعة أشهر مع إعلان وزارة العمل عن تطبيق برنامج نطاقات، وهذا البرنامج الطموح يسعى إلى معالجة الخلل الواضح في تركيبة سوق العمل ويستوفي جميع الشروط المطلوبة من خطة استراتيجية طويلة الأمد لتوطين الوظائف، فهو يسعى بشكل ممنهج إلى تحفيز القطاع الخاص لتوطين الوظائف بحزمة مكافآت مجزية (للنطاقين الممتاز والأخضر) وفي نفس الوقت يجعل من عدم الالتزام بنسب السعودة أمرا مستحيلا، لأنه سيؤدي إلى خسائر مادية وعملية جسيمة (للنطاقين الأصفر والأحمر). في نفس الوقت فإن نطاقات يطلب من الشركات أن توطن الوظائف بنسب متوازنة من خلال آلية تصنيف معيارية تأخذ في الحسبان واقع كل صناعة، إضافة إلى حجم المنشأة ونشاطها مقارنة بقطاعها. نطاقات أصبح هاجس كل منشأة، وأثره على الاقتصاد الوطني سيكون كبيرا أهم هذه الآثار زيادة الإنفاق الاستهلاكي وتحريك عجلة عدة قطاعات اقتصادية نتيجة دخول أعداد أكبر من المواطنين لسوق العمل.البعد الاستراتيجي المدروس وطويل الأمد في نطاقات هو أن نسب السعودة تتغير مع مرور الوقت وتعكس ديناميكية حركة التوطين لكل قطاع في السوق. ولأن أغلبية المنشآت ستسعى لتفادي العقوبات والحصول على المكافآت، فإن متوسطات كل قطاع ستشهد ارتفاعا مستمرا حتى ولو كان بطيئا، ومع مرور الوقت، ستصبح هذه النسب مرتفعة بما يخدم الهدف الأسمى للبرنامج. نطاقات أصبح هاجس كل منشأة، وأثره على الاقتصاد الوطني سيكون كبيرا أهم هذه الآثار زيادة الإنفاق الاستهلاكي وتحريك عجلة عدة قطاعات اقتصادية نتيجة دخول أعداد أكبر من المواطنين لسوق العمل، إضافة إلى إيجاد فرص عمل جديدة أو توطين لوظائف قائمة بغرض احتواء الأعداد الهائلة من خريجي الداخل أو العائدين من الابتعاث الذين زاد عددهم على 100 ألف شاب وشابة، ناهيكم عن خفض التسرب النقدي المريع الذي يعاني منه اقتصادنا نتيجة حوالات العمالة الأجنبية التي لا تخضع للضرائب التي وصلت إلى أكثر من 700 مليار ريال في الفترة من 2000م حتى 2010م. واقع الحال كما أكد وزير العمل مؤخرا يعطينا صورة قاتمة عن حال السوق : أكثر من نصف مليون عاطل عن العمل، قطاع خاص 90 بالمائة من فرص العمل فيه ذهبت للأجانب، ومعدل بطالة يصل إلى 11 بالمائة في صفوف السعوديين، لكن المستقبل بسبب تطبيق نطاقات وللمرة الأولى يبدو مشرقا، وقد حان الوقت كي يقوم أصحاب المنشآت بدورهم في دعم الاقتصاد الوطني والكف عن إيذاء سوق العمل بسلوك شاذ يسعى إلى توفير مادي ظاهري من خلال الاعتماد على العمالة الأجنبية بدعاوى واهية لن تجدي نفعا مع نطاقات. [email protected] - twitter: @alkelabi