هكذا أطلقت على نفسها، بعد أن شوَّهت أنوثتها، وانتزعت عدداً من دلائلها، وزجّت بنفسها في أتون الذكورية رغبة ورهبة، فاجأتني المعدات لبرنامجي الأسبوعي على قناة بداية (بوح البنات) بأن هذه الفتاة لديها الاستعداد الكامل لأن تتحدث على الهواء، وتدافع عن الموقف الذي اتخذته ضد طبيعتها، وتحدياً لجنسها. جامعية، كان من المفترض أن تنظر للمستقبل بروح متوثبة عالية، تجعلها تنصبّ على صياغة شخصيتها بكل أبعادها؛ الأنثوية أولاً، فبقدر ما تكون الفتاة أنثى أكثر، ستكون مقبولة من الجنس الآخر أكثر، فالرجل السوي لا يريد غير أنثى، وبقدر ما تكون متهيّئة لتكون زوجة صالحة، وأماً بانية، وربة بيت ممتازة، سوف تتحقق لها فرص الحياة الناجحة أكثر بتوفيق الله تعالى. والبُعد الثاني: العلمي، فالذي كان ينبغي أن ينال اهتمام هؤلاء الفتيات هو التفوّق في الدراسة، لاسيما وهن يشاهدن الواقع الذي لا يلتفت لغير المتفوّقين والمتفوّقات، والمبدعين والمبدعات، كيف ستستطيع الفتاة/ الذكر أن تتجلى في المجال الذي اختارته في الدراسة الجامعية، وقد بعثرت اهتمامها يميناً وشمالاً، وعاشت في وهم الترجّل، من أجل أن تقول لنفسها: نحن هنا. والبعد الثالث: وهو الأول بلا شك، ولكني أخّرته للاهتمام به كما يقول البلاغيون، وهو البُعد الشرعي، ففي الحديث الصحيح عن رسولنا «صلى الله عليه وسلم»: "لعن الله المتشبّهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء".. فهل تطيق الفتاة التي انسلخت من أنوثتها بيدها ذلك؟ إنه اللعن؛ الطرد من رحمة الله تعالى. وإذا كان الأهل لا يعلمون كما قالت هذه الفتاة، فالمصيبة أعظم، وإنه لجرس الخطر تدقه (بقايا أنثى) الأهل لا يعلمون!! تتغيّر شخصية الفتاة تماماً، وتتبدل ملابسها، وتعبث بخلقتها، وتقيم علاقات مشبوهة مع بنات جنسها، بل تختار قرينتها المذكرة كما تختار الفتاة الشاب الذي ترغب الاقتران به!! كما قالت هذه الفتاة، والأهل لا يعلمون، فمتى سيعلمون؟ هل لا بد أن يقع الفأس في الرأس حتى يستيقظوا؟!! والعجيب أنها ترى أن هذه العلاقة الأنثوية/الأنثوية، أفضل من العلاقة الأنثوية/ الذكورية!! وكأن المقارنة صحيحة أصلاً، وتبني عليها إجابتها لسؤالي: وماذا عن المستقبل الزواجي، هل سيقبل الرجل بأن يختار بقايا أنثى وهو الرجل؟ فتجيب بنظرية خادعة يبدو أنها تشرّبتها، بأنه سيُقبل عليها أكثر من فتاة أخرى لها علاقة بشاب، وكأن الفتيات أصبحن بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن تقيم علاقة محرّمة مع شاب، أو أن تقيم علاقة محرّمة مع أنثى!! وهنا ينزوي الحق تماماً، تنزوي الفطرة وتبهت حتى تتلاشى!! أين الخيار الرباني؟ أين خيار العفاف؟ لماذا لا تكون هناك علاقة طاهرة بين الأنثى والأنثى وهي الصداقة والأخوة والمحبة النقية؟ نعم هناك نماذج ممتازة للصورة الأخيرة، ولله الحمد، وهي الأصل في مجتمعنا، ولكن الخُبث قد يطغى، ويتزايد، حتى يصبح لدى فئة من الناس معروفاً، وهنا الخطورة. والسؤال الأخير: إذا كان الأهل لا يعلمون، فأين الجامعة؟ وهي البيئة التي تتكاثر فيها هذه التشوّهات؛ البويات والإيمو والمغازلات والصداقة المحظورة بين الشبان والفتيات، وغير ذلك مما لا نستطيع أن نلاحقه وهو يتجدّد بسرعة التقنية المحمومة التجدد، أليس من الواجب أن تقوم الجامعات والمدارس والمعاهد بإنشاء وحدات توعية اجتماعية، تقوم بتوفير المرشدات المختصات، وبعدد من حملات التوعية؛ للنهوض بهذا الواجب تجاه بناتنا؟! حملات وقاية قبل أن نضطر لدفع ثمن غال للعلاج!