عندما كتبت مقال «هل تدرون أنتم؟» توقعت هذا التفاعل من القراء الذين كتبوا لي بعض القصص التي مروا بها وتنطبق عليها فكرة موضوع المقال السابق ولهذا آثرت ان أعرضها لكم قبل ان تنسوا الموضوع فلعلنا نبدأ بالاستجابة لمشاعرنا حتى لو ظنت بنا الظنون، فالظن السيء لن يتكرر كل مرة حتى لو نهرنا أحدهم فلن ينهرنا الآخر، لعلنا نسهم في تطرية أجوائنا الجافة ونعيد النبض لعروقها التي التصقت ببعضها. أول تعليق من صديقتي الرياضية التي تمارس المشي في الكورنيش تقول: هناك أرى بعض الشباب البدناء أحدهم في سن ابني يمشي بثقل وجهد وكثيرا ما فكرت في أن أقف لتشجيعه والثناء عليه وأقول له: يارب أشوف ابني بهمتك هذه لأنه بحاجة لتخفيف وزنه فاياك واليأس لكني كلما واجهته في الممشى أخجل وابتعد عنه!! فقلت في نفسي ربما كان ذلك مع فتاة أسهل وفعلا اقتربت من احداهن وبدأت أشجعها وأتحدث معها عن السمنة وغيرها وعرفت أنها ممرضة وطبيعة عملها تحتاج لنشاط وجسد رشيق وعندما رأيتها في اليوم التالي شعرت بأنها تتحاشى مواجهتي فتختار الخط الذي يبعدها عني فلا نتواجه فهي اذا تتهرب وربما فسرت وقفتي معها ومن أجلها حشرية مني!! لنحاول اذا أن نستجيب للنداء الإنساني فينا، وأن نحسن الظن كما قالت القارئة فطوم وهي ممن علقن على المقال في الموقع الالكتروني للصحيفة فهي توصي بحسن الظن أولا وثانيا وثالثاوقالت أخرى: كنا في مكةالمكرمة خلال رمضان الماضي وقبل اذان المغرب يعمد كثير من الناس الى شراء بعض المأكولات وتوزيعها على الناس خارج الحرم وأمام عربة للسمبوسة وقفت واشترت كمية وكان البائع قد اعتاد على تقسيم الكميات الكبيرة في أكياس صغيرة وتوزيعها بمعرفته وقفت تراقب الحدث وبعدما انتهت الكمية، رأت شابا هنديا بلباس الاحرام يقف أمام العربة ويسأل عن السعر ثم يعد ما معه من نقود ويفكر قليلا، ثم يكمل طريقه دون ان يشتري لنفسه شيئا، أرادت ان تناديه لتشتري له.. أرادت ان تتبعه ولكن خجلها «الغبي» منعها. وتذكرت قصة أخرى روتها لي احداهن وكتبت عنها منذ زمن وهي حكاية ذلك الرجل الذي دخل الى قاعة شركة الكهرباء ليسدد مبلغا ماليا مطالبا به، لكنه لا يحمل سوى «النقد» ولا يملك بطاقة الدفع الآلي فرفض الموظف، وقال «النقد». كان الحوار مسموعا من الجميع ولم يتقدم أي رجل لمساعدته ربما خوفا من ألا يدفع. تلفت الرجل المسن يمينا وشمالا وبعيونه الحائرة يتساءل: ماذا أفعل؟ فكانت استجابة المرأة سريعة له فبادرت بالدفع عنه ببطاقتها ومد لها المبلغ وصوته يتعالى بالدعاء لها والشكر. إذا راجعتم أنفسكم ستجدوا عشرات المواقف المشابهة لتلك، فلنحاول اذا ان نستجيب للنداء الإنساني فينا، وأن نحسن الظن كما قالت القارئة فطوم وهي ممن علقن على المقال في الموقع الالكتروني للصحيفة فهي توصي بحسن الظن أولا وثانيا وثالثا، وعلينا ألا نستجيب لنداء الشاعر الذي استشهد به القارئ الكريم «أبوصلاح»، حيث قال: ماذا نقول وأحد شعرائنا الذين نتغنى بهم يقول: فعامل الناس وأصحبهم على حذر، ويحق لنا ان نبتعد بعد ان تلوح لنا ملامح السوء، أما قبل ذلك فلنحسن الظن.