واصلت اسعار النفط الامريكي خسائرها متراجعة أكثر من 3 دولارات للبرميل في نهاية تعاملات الاسبوع الماضي نتيجة الصورة القاتمة التي تخيّم على آفاق الاقتصاد العالمي وتراجع التوقعات الاقتصادية بشأن حل ازمة ديون منطقة اليورو وهو ما دفع العملة الاوروبية للهبوط بشكل حاد امام الدولار. ورغم هذا الهبوط إلا أن أداء الخام كان أفضل من غيره من السلع الاولية الاخرى مع اقبال المستثمرين على البيع في العقود الآجلة للنفط في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) ليهبط سعر الخام الامريكي الخفيف للعقود تسليم اكتوبر 3.3 دولار أو 3.71 بالمائة الى 85.75 دولار للبرميل وهو أدنى مستوى له في الجلسة. ولم تفلح خطة خفض الضرائب وخلق الوظائف وتعزيز النمو - التي طرحها الرئيس الامريكي باراك اوباما بتكلفة 447 مليار دولار- في إعادة الثقة الى الأسواق التي يهيمن عليها القلق، كما تسببت سلسلة انقطاعات في الامدادات من حقول بحر الشمال - التي تستخدم لتحديد سعر خام برنت القياسي - في اسقاط شحنتين من جدول التحميل لشهر سبتمبر، وكان أيضاً للعنف في شمال افريقيا والشرق الاوسط تأثير كبير على الامدادات. وفي هذا الاطار قال اندي سومر كبير محللي الطاقة لدى اي.ال.جي في سويسرا «تعاني السوق من شحّ الامدادات، حيث يحد انقطاع امدادات من بحر الشمال وحظر ورادات النفط من سوريا من الكميات المتدفقة على أوروبا وايضا بسبب المشكلات في ليبيا». اظهرت «أوبك» في تقريرها الاحصائي ارتفاع احتياطيات دول المنظمة من البترول بنسبة تزيد على 12 بالمائة مما يجعلها تمتلك أكثر من 81 بالمائة من احتياطيات البترول العالمية بدلاً من 79 بالمائة، كما كان الحال في عام 2010وكانت أسعار برنت والخام الأمريكي الخفيف تحوّلت للارتفاع في معاملات متقلبة بشدة، قبيل إعلان بيانات مخزونات النفط الحكومية، حيث كشف تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الصادر نهاية الاسبوع الماضي عن تراجع مخزونات النفط الخام بأعلى معدل لها في شهر تقريباً بعد أن انخفضت بحوالي أربعة ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في الثاني من سبتمبر إلى 353.1 مليون برميل وبأعلى من التوقعات التي انتظرت تراجعاً بما يناهز 1.9 مليون برميل فقط. وأظهرت بيانات لمعهد البترول الأمريكي، أن مخزونات الولاياتالمتحدة التجارية من النفط الخام نقصت خلال الأسبوع الماضي، بينما سجّلت مخزونات المقطرات زيادة حادة على غير المتوقع. وقال المعهد في تقريره الأسبوعي إن مخزونات النفط الخام في الولاياتالمتحدة هبطت خلال الأسبوع المنتهي في الثاني من أغسطس 3 ملايين برميل، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع لرويترز بنقص قدره 1.9 مليون برميل في المتوسط. وانخفضت واردات الخام الأمريكية 957 ألف برميل يومياً إلى 8.98 مليون برميل في الأسبوع. من جانبه قال محلل نفطي واقتصادي كويتي إن زيادة الأسعار ما لم تسيطر حالة من الركود على الاقتصاد العالمي، تصب أولاً وأخيراً في مصلحة الولاياتالمتحدة التي تنتج كميات كبيرة جداً من النفط الامر الذي يسمح لها بأن تنتج سلعاً بأسعار تنافسية تقل عن نظيراتها بما يعادل تقريباً 15 بالمائة، وهي النسبة نفسها بين سعر الخام الأمريكي ومزيج برنت. وقال حجاج بوخضور إن حالة التذبذب التي تشهدها أسعار النفط في الفترة الراهنة ستستمر خلال الفترة المقبلة متأثرة بالأحداث الجيوسياسية والأحوال الجوية في الولاياتالمتحدة»، في إشارة إلى موسم الأعاصير السائد هناك في الآونة الاخيرة. وقال: لا يمكن الجزم بما ستكون عليه الأسعار، لكن ستظل حالة التذبذب ما لم تكن هناك أسباب تتعلق بأزمة مالية عالمية»، مشيراً إلى أن هناك «عقيدة مهمة»، وهي أن المحافظة على النمو الاقتصادي تعني زيادة الطلب والاستهلاك للنفط، وبالتالي ارتفاع الأسعار. واشار الى أن هناك دولاً بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية تفضل ارتفاع الأسعار، وهو ما يمنح منتجاتها ميزة تنافسية وأفضلية لدى المستهلك، ويجعلها قادرة على تسويق صادراتها ونموها وغزو الأسواق باعتبار أن الدول الصناعية لديها إنتاج كبير من النفط، وهو ما يجعل منتجاتها أرخص. وبيّن أن النفط الأمريكي «نايمكس» منخفض عن نظيره «برنت» بحدود 15 بالمائة، وهو ما يعني أن أسعار السلع المنتجة من الخام في نايمكس ستنخفض عن نظيرتها المنتجة من برنت بالنسبة نفسها تقريباً، مما يجعل تلك المنتجات ذات أفضلية، متوقعاً أن تستمر الارتفاعات في أسعار النفط على المديين المتوسط والبعيد طالما أن الولاياتالمتحدة تدير الاقتصاد العالمي ما لم تكن هناك حالة من الركود الاقتصادي الحاد. ورأى خضور أن الأسعار خلال العام الجاري ستستمر في المستويات الراهنة نفسها، متوقعاً زيادة الأسعار مع بداية العام الجديد، في إشارة إلى التوقعات بنمو الطلب العالمي على النفط بما يقدّر ب1.4 مليون برميل يومياً، وفقاً للدراسات الأخيرة المتخصصة.