من لا يذكر الازمة السياسية الحادة التي عصفت ببلد يعتبر من البلدان الراقية ديموقراطيا، وكيف بقي التجاذب قرابة عام ونصف العام قبل تشكيل حكومة ائتلافية بسبب الخلافات بين ابناء الشعب الواحد الذين يتكلمون لغات كثيرة. بلجيكا، الواقعة في قلب اوروبا، والتي يتحدث شعبها الفرنسية والهولندية والالمانية، تركت ما يفرق خلفها وسارت بكل فئات شعبها خلف منتخب كرة القدم الذي تحول الى رمز الوحدة في مشاركته المهمة بمونديال البرازيل. والتقى مشجعو المنتخب البلجيكي على نبض قلب واحد في البرازيل برغم ميولهم المتشعبة ولغاتهم المختلفة، فكانت شوارع ساو باولو تظهر الروح البلجيكية الموحدة. المنتخب الذي بات يعبر عن وحدة بلجيكا، وجد دعما خاصا من رئيس حكومة البلاد اليو دي روبو الذي كشف انه يعشق كل دقيقة يشارك فيها المنتخب الملقب بالشياطين الحمر في كأس العالم، كيف لا وان الشعارات تحولت من الانقسام الى "منتخب واحد، بلد واحد"، خصوصا بعد النجاحات التي حققها المنتخب حتى الآن. وتقدم منتخب بلجيكا الى ربع نهائي كأس العالم بعد تفوقه على نظيره الامريكي بهدفين مقابل هدف عقب شوطين اضافيين، وكان حقق فوزين وتعادلا في الدور الاول. وامام البلجيكيين بضعة ايام اضافية من الوحدة التي صنعها منتخب كرة القدم لان المباراة المقبلة ستكون غدا السبت في مواجهة من العيار الثقيل مع الارجنتين ونجمها ليونيل ميسي. الانقسام الحاد بين مؤيدي الفرونكوفونية وهم قرابة خمسة ملايين ومؤيدي الفلامينغز الذين يتحدثون الالمانية ويقدرون بأكثر من ستة ملايين نسمة وجد عنوانا بارزا للوحدة عبر مدرب المنتخب البلجيكي مارك فيلموتس، فهو من مؤيدي الفرونكوفونية، لكن زوجته من الفلامينغز. الازمة السياسية تتكرر بعد الانتخابات الاخيرة، والبلجيكيون يجدون مجددا صعوبة في تشكيلة حكومة بسبب الانقسام، لكن المدافع نيكولار لومبارتس قال: ليس لدينا حكومة بعد، لكننا لا نهتم، وسنبقي بلدنا موحدا، والجمهور يفكر ايضا بهذه الطريقة، فهناك بلجيكا واحدة. الملاعب البلجيكية في هذه الايام ممتلئة بالمشجعين الذين يتابعون مباريات المونديال وبالتحديد مباريات منتخب بلادهم على شاشات عملاقة، يتابعونها متحدين وبدون اي انقسام، في وقت كان الاتحاد البلجيكي لكرة القدم يجد صعوبة في ملء نصف المدرجات حتى مع تذاكر مجانية بسبب الانقسام.