كلما يمَّمْت نحو بلد في جوانح وطني الحبيب، وجدت لجامعة الملك فيصل اسما ووسما، ورَحمًا معرفيًّا وعلميًّا، هذه النخلة الشامخة التي احتضنتها الأرض الطيبة، ورعتها الأيادي السخية، وضعت بصماتها في تاريخ الوطن منذ أربعين عامًا، فقدّمت كوادر قيادية تسنمت مواقع المسؤولية على امتداد خارطة التنمية والتطوير، وما تزال الجامعة رائدة في تصدير الخبرات والمعرفة بكوادرها المخلصة، وخريجيها المبدعين، وطلبتها الموهوبين، ونتاجها البحثي، وانفتاحها الرحب على مجتمعها المحلي ووطنها الكبير، والسعي الحثيث لخدمته بكل ما يُتاح. لقد تحقق للجامعة من خلال عدد من مشاريعها النوعية والتطويرية حضور واسع تجاوز الأسوار، وأضاء لها في كل بقعة ضوءا معرفيّا أو تثقيفيا، ولعل انطلاقتها الحثيثة بخطتها الإستراتيجية منذ عام 2011م، وبرؤيتها المتطلعة للريادة في الشراكة المجتمعية، جعلتها في ديمومة حراك لا يهدأ، وصارت خدمة المجتمع هاجسها، ومحورًا أساسًا في بناء وصياغة خطط الحاضر والمستقبل، وامتدت يد الجامعة البيضاء تصافح بعقود شراكاتها النوعية مؤسسات القطاعين العام والخاص، وتضع لكل شراكة منهاجًا يجعل منها واقعًا ملموس الأهداف والنتائج، ولم تأل الجامعة جهدًا في دعم كل مؤسسة مجتمعية تتيح لها فرصة خدمتها من خلال تسخير كوادرها المختصة، وإمكاناتها المتاحة للإسهام في إنجاح أي منشط اجتماعي أو ثقافي يعود بالخير والنفع على أبناء الوطن. وبالأمس القريب وبتكليف من الجامعة، كنت وعدد من زملائي في رحلات سندبادية نزلنا فيها بين إخواننا في عدد من مدن بلادنا العزيزة، نستطلع خلالها سير الامتحانات في مراكز اختبارات برامج التعليم المطور للانتساب، والتي تديرها بذكاء نوعي، وتقنية عالية، وقيادة موفقة عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وقد كشفت لنا زيارتنا عن شعور بالفخر والاعتزاز، ونحن نرى جامعتنا الغالية تهدي ضياء العلم والمعرفة، بأرقى وأحدث الطرق التعليمية، لكل أخ وأخت من أبناء الوطن، فلا حدود الزمان، ولا حدود المكان وقفت عائقًا أمام هذا المدّ المبارك لنشر التعليم الجامعي، ومنح فرصه الثمينة بأقل التكاليف، وأبسط الإمكانات، كما كشفت هذه الزيارة عن مدى الانتماء الذي يشعر به الطلبة لجامعتهم جامعة الملك فيصل، وتقديرهم وشكرهم لهذا العطاء الغالي، الذي بعث الأمل في نفوسهم لتحقيق طموحاتهم، والتقدم بهم مسافات واسعة في طريق العلم الطويل، كما عززت هذه الزيارات لغة الثقة والتواصل مع مشرفي المراكز الذين وُفقت الجامعة في انتقائهم بعناية ليشكلوا فرق عمل مخلصة، تحرص باهتمام على تحقيق الجودة في أداء الاختبارات وسط أجواء ملائمة لهم. وفي كل دائرة، وطريق، ومقام نجدُ أخًا عزيزًا يجمعنا به ظل الجامعة الوارف، ووطن الإخاء، يقدم لنا ابتسامة الرضا، وتحيات الشكر والعرفان. وفي كل منشط مجتمعي كوادر مسؤولة وطلابية تضع بصمتها، وترسخ مفهوم التطوع النبيل، وحضورها الفاعل في إثراء الفعاليات بالخبرة الأكاديمية عبر أساتذتها وإدارييها، والتطوعية عبر طلبتها الفاعلين، والإعلامية عبر فريق إعلامي يقدم حلولا متكاملة في مجال الاتصال والإعلام، ويقطف بعدسته الضوئية عبر موقع الجامعة وإشراقتها المطبوعة، وعدسته التلفزيونية عبر قناتها الفضائية أروع الإنجازات الجامعية والمجتمعية، وينثر من محبرة التحرير أصدق الأحرف وأنقاها، حتى أصبحت الجامعة ركنًا أساسًا في إقامة أي ملتقى مجتمعي يستهدف التوعية والتثقيف. لقد وضعت الجامعة جميع كوادرها وإمكاناتها في خدمة المجتمع إيمانًا منها برؤيتها ورسالتها، ولأنها تؤمن يقينًا بأنها جامعة في مجتمع، ومجتمع في جامعة، وأنها جامعة تسكن حنايا أغلى وطن..