أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش وجود «أدلة قوية» على استخدام نظام بشار الأسد غاز الكلور في هجمات بالطيران على ثلاث بلدات خلال نيسان/أبريل، ما يشكل مخالفة لاتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية. وقالت في بيان: إن «الأدلة توحي بقوة بقيام مروحيات حكومية سورية بإلقاء قنابل برميلية (براميل متفجرة) مزودة باسطوانات من غاز الكلور على 3 بلدات في الشمال السوري في منتصف أبريل/نيسان 2014»، وأضافت إن هذه الهجمات استخدمت «غازًا صناعيًا كسلاح، وهو عمل محظور بموجب الاتفاقية الدولية التي تحظر الأسلحة الكيمياوية، والتي انضمت إليها سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2013» إثر اتفاق يقضي بتسليم ترسانتها الكيميائية. وأكدت المنظمة (مرصد أمريكي حقوق الانسان) أن «الحكومة السورية هي الطرف الوحيد في النزاع الذي يمتلك مروحيات وأنواع أخرى من الطائرات»، وأوضحت أن الهجمات استهدفت بلدات كفرزيتا شمال محافظة حماة (وسط)، والتمانعة وتلمنس في محافظة أدلب (شمال غرب). ووقعت الهجمات بين 11 و21 من أبريل/نيسان. ونقلت المنظمة التي تتخذ نيويورك مقرًا لها، عن طبيب تولى معالجة الضحايا أن الهجمات أدت إلى «قتل ما لا يقل عن 11 شخصًا، وأدت إلى أعراض تتفق مع التعرض للكلور في نحو 500 شخص آخرين». واتهمت المعارضة السورية نظام الأسد بشن هذه الهجمات باستخدام براميل متفجرة تلقيها الطائرات المروحية. وأقر تلفزيون النظام السوري بحصول هجوم كيميائي في كفرزيتا، لكنه وجه أصابع الاتهام إلى مقاتلي جبهة النصرة. وقالت هيومن رايتس ووتس: إن «الأدلة المستمدة من مقاطع الفيديو والمعلومات التي نشرها نشطاء محليون (توحي) بأن القنابل البرميلية المزودة بالكلور قد استخدمت في كفر زيتا في 12 نيسان/أبريل». وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: «يعد استخدام سوريا على ما يبدو لغاز الكلور كسلاح، ناهيك عن استهداف المدنيين، انتهاكات واضحة للقانون الدولي، وهو سبب آخر يدعو مجلس الأمن الدولي لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية». قالت هيومن رايتس: إن استخدام الأسد لغاز الكلور في القصف، هو سبب آخر يدعو مجلس الأمن الدولي لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدوليةوانضمت سوريا العام الماضي إلى اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية كجزء من اتفاق لتسليم ترسانتها الكيميائية إثر هجوم كيميائي قرب دمشق في آب/أغسطس 2013. وأكدت منسقة البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية سيغريد كاغ الأسبوع الماضي أن بعثة لتقصي الحقائق حول استخدام الكلور وصلت إلى دمشق. ودعت كاغ نظام الأسد إلى إنهاء مهمة نقل الأسلحة الكيميائية في أقرب وقت. وما زال النظام يحتفظ بنحو ثمانية بالمائة من ترسانته. ويحول الوضع الأمني في البلاد دون الوصول اليها، بحسب كاغ. وأوضحت المنظمة أن «القنابل البرميلية البدائية التي توثقها في سورية تتكون في المعتاد من براميل نفط كبيرة أو أنواع مختلفة من الاسطوانات المعدنية أو خزانات المياه المحشوة بالمتفجرات والمعادن الخردة لتعزيز التشظي، وتلقى بعد ذلك من طائرة مروحية»، مضيفة إن «من شأن الحرارة الناجمة عن انفجار القنبلة البرميلية أن تفسد القسم الأكبر من الكلور، كما يتشتت أي غاز متبق في الجو بفعل الانفجار، فينحدر تركيز الكلور سريعًا إلى مستويات غير مميتة»، وأضافت: «يبدو أن الغرض من إضافة الكلور إلى القنابل البرميلية هو نشر الخوف من استخدام غاز سام أو مميت». ودعت المنظمة مجلس الأمن الدولي إلى «فرض حظر للتسلح على النظام السوري وعلى أي جماعة متورطة في انتهاكات واسعة النطاق أو ممنهجة لحقوق الإنسان». وأضاف حوري: «طالما ظل مجلس الأمن يخفق في معاقبة سوريا على انتهاكاتها الصارخة لاتفاقية الأسلحة الكيميائية فسوف تستمر هذه الهجمات الشنيعة». من جهتها، حثت الدنمارك التي قدمت واحدة من سفينتين حاويتين لنقل الأسلحة الكيماوية السورية لتدميرها نظام الأسد على التعجيل بعملية النقل، وقالت: إنها لا يمكن أن تنتظر إلى ما بعد الموعد النهائي في 30 يونيو/حزيران. وتخلف النظام السوري عن عدة مواعيد للتخلي عن مخزوناته من الأسلحة الكيماوية على الرغم من أن معظم الكمية المعلنة قد أزيلت أو دمرت ويشعر المسؤولون الغربيون بقلق من التناقضات والغموض في إعلان سوريا لمخزوناتها مما قد يترك بعضًا من ترسانتها سليمًا دون مساس. ويقول دبلوماسيون: إنه كان من المقرر تدمير برنامج سوريا من الغاز السام بشكل كامل بحلول 30 يونيو/حزيران، ولكن من غير المرجح الوفاء بهذا الموعد، وذلك إلى حد ما؛ لأن وصول سفينة أمريكية لتدمير العناصر الكيماوية في البحر سيستغرق شهرين على الأقل. وما زالت سفينتا شحن أحدهما من الدنمارك والآخرى من النرويج من قوة بحرية لدول الشمال موجودتين في شرق البحر المتوسط تأخدان شحنات متزايدة من المواد السورية السامة. وقال وزير الخارجية الدنماركي مارتن ليدجارد ل«رويترز» من على ظهر السفينة آرك فوتورا التي ضمت أحدث شحناتها 110 صناديق من غاز الخردل ووسائط كيماوية لغاز السارين وغاز الأعصاب في إكس: «إن طموح الدنمارك والمجتمع الدولي بأن نتمكن من الوفاء بالموعد النهائي». وقال: «فوضنا لسفننا البقاء هنا حتى الثلاثين من يونيو، ولكننا لم نفوضها لفترة أطول من ذلك، وهذا هو السبب في حثنا الحكومة السورية على التحرك الآن فنحن لا نستطيع البقاء هنا للأبد، ولا نستطيع مواصلة الانتظار للأبد». وتخلصت سوريا من 1300 طن من الأسلحة الكيماوية بموجب إتفاق تم التوصل إليه العام الماضي مكن سوريا من تفادي التعرض لغارات جوية غربية بسبب هجوم شن بغاز السارين على ضواحي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في العاصمة دمشق في أغسطس/ آب. وسلم ما يزيد قليلًا عن 92 في المائة من المواد الكيماوية لقوة عمل مشترك من الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. واقترحت فرنسا أمس الأول على مجلس الأمن إحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية. وأفاد دبلوماسيون أن مشروع القرار الخاص بهذا الأمر وزع على أعضاء مجلس الامن الذين سيبدأون مناقشته اليوم الأربعاء على أن يعرض على التصويت الأسبوع المقبل. وبما أن سوريا لم توقع معاهدة المحكمة الجنائية الدولية لا بد من قرار يصدر عن مجلس الأمن؛ لتتمكن هذه المحكمة من النظر في التجاوزات التي ترتكب على الأراضي السورية. وسبق أن طالبت نافي بيلاي المفوضة العليا لحقوق الانسان بهذا الأمر مرارًا من دون أن يلقى طلبها تجاوبًا. وبحسب مشروع القرار فإن مجلس الامن «يقرر تسليم الوضع في سوريا منذ آذار/مارس 2011 إلى النائب العام في المحكمة الجنائية الدولية». وكانت الأحداث في سوريا بدأت في آذار/مارس 2011. ويشير مشروع القرار في الوقت نفسه إلى «الخروقات الواسعة لحقوق الإنسان وللقوانين الإنسانية التي ترتكبها السلطات السورية والميليشيات الموالية للحكومة» إضافة إلى تلك التي ترتكبها «مجموعات مسلحة غير حكومية» إلا أن الكثير من الدبلوماسيين يعتقدون أن روسيا ستستخدم حق الفيتو لمنع صدور القرار. وتشير فقرة أخرى في المشروع إلى أن إحالة الجرائم على المحكمة الجنائية الدولية لن تمولها الاممالمتحدة بل الدول التي انضمت إلى المحكمة الجنائية أو عبر مساهمات طوعية.