أقالت المحكمة الدستورية التايلاندية أمس، رئيسة الوزراء ينغلاك شيناوترا مع تسعة أعضاء بمجلس الوزراء التايلاندي، بينهم وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء, في قضية نقل موظف حكومى منذ ثلاثة أعوام، وقضت المحكمة أنه يمثل انتهاكاً للدستور، وأدانتهم باستغلال السلطة، ما يزيد الغموض السياسي ويفتح صفحة جديدة من عدم الاستقرار في البلاد. وصرح رئيس المحكمة شارون انتاشان خلال تلاوته للحكم الذي بثت وقائعه على التلفزيون مباشرة، ان ينغلاك التي تواجه حركة احتجاج شعبي تطالب باستقالتها منذ ستة اشهر «لم يعد بإمكانها البقاء في منصبها كرئيسة وزراء تصريف أعمال». وقررت المحكمة أيضا، إقالة كل الوزراء المتورطين في الملف، لكنها لم تذكر اسماءهم ما يثير تساؤلات حول مدى الفرغ في السلطة، وحول امكان ان يحل احد الوزراء المتبقين محل ينغلاك. وتعود هذه القضية الى اقالة رئيس مجلس الامن القومي بعد وصول ينغلاك الى السلطة في 2011، لكنه عاد وتسلم مهامه بأمر من المحكمة الادارية. واستنادا الى هذا القرار اكدت مجموعة من اعضاء مجلس الشيوخ، ان نقل مهام هذا المسؤول الامني تمت بما فيه فائدة حزب بويا ثاي الحاكم وذلك في طعن قدموه امام المحكمة الدستورية. وأكد رئيس المحكمة، ان «القضاة اتخذوا قرارهم بالإجماع بأن ينغلاك استغلت وضعها كرئيسة للوزراء»، لتقوم بنقل «غير قانوني» ول «مصلحتها الشخصية». وكانت ينغلاك ادلت بشهادتها ودفعت ببراءتها امام المحكمة الثلاثاء. في المقابل، رفضت المحكمة تعيين رئيس جديد للحكومة مشيرة الى انها «ليست مخولة» القيام بذلك. ورحب المتظاهرون المعارضون للحكومة بقرار المحكمة الدستورية بإطلاق صفاراتهم والتي باتت رمزاً لتجمعهم. وعلق احد المتظاهرين ويدعى لينجونغ ثوماتورن امام المحكمة الدستورية: «أنا سعيد مع ان القرار لا يشمل كل اعضاء الحكومة». ويواصل المتظاهرون تحركهم بشكل شبه يومي في شوارع بانكوك ولو ان التعبئة خفت الى حد كبير منذ بدء الازمة التي اوقعت 25 قتيلا على الاقل. ويتهم المتظاهرون والمعارضة ينغلاك بأنها دمية يحركها شقيقها، كما تتهم عائلة شيناواترا وانصارها بإرساء نظام يعمه الفساد. من جهته، قال وزير العدل بونجتيب تيبكانجانا في مؤتمر صحفي امس: إن وزير التجارة نيواتامرونج بونسونجفايسان سيتولى منصب رئيس وزراء تايلاند بدلا من ينجلوك. وقال: «قرر مجلس الوزراء أن يتولى نيواتامرونج بونسونجفايسان مهام رئيسة الوزراء ينجلوك». وقال جاتوبورن برومبان زعيم النشطاء الموالين لينجلوك الذي يطلق عليهم أصحاب القمصان الحمراء: «كنا نستعد لهذا الحكم. كل شيء يفعله خصومنا يهدف إلى تعطيل العملية الديمقراطية». «اختارت المحكمة أن تقف في منتصف الطريق . كان يمكن أن تقيل الحكومة بأكملها ولكنها اختارت اقالتها هي (ينجلوك) والوزراء المسؤولين عن التنقلات الوظيفية... ليس هناك ما يدعو إلى حمل السلاح. سنحتشد سلميا كما هو مخطط في العاشر من مايو». وتم إلغاء الانتخابات التشريعية في فبراير بسبب التظاهرات التي ارادت استبدال الحكومة «بمجلس شعب» غير منتخب. وتم تحديد موعد جديد للانتخابات التشريعية في 20 يوليو، لكن إجراءها رهن بتطورات الأزمة. وترفض المعارضة الانتخابات وتطالب بإدارة مؤقتة معينة تشرف على إصلاحات قبل اي انتخابات جديدة. ووعدت حركة القمصان الحمر الموالية لتاسكين شيناوترا من جهتها، بالنزول الى الشارع مجددا في حال حصول «انقلاب قضائي» جديد ما يثير مخاوف من اعمال عنف جديدة. ومنذ انقلاب 2006 انقسم المجتمع بشكل كبير بين الطبقات الريفية والمدنية الفقيرة في شمال البلاد وشمال شرقها المخلصة لتاكسين، ونخب بانكوك التي تدور في فلك القصر الملكي وتكره رئيس الوزراء السابق. والبلاد غارقة في دوامة ازمات متواترة ادت الى الاطاحة التدريجية بأنصار الثري المنفي. «لكن في هذه المرحلة من المستحيل معرفة ان كان القمصان الحمر سيبدون مقاومة كبيرة كما يتوعد بعض قادتهم» على ما أكد مايكل مونتيسانو من معهد دراسات جنوب شرق آسيا في سنغافورة. في 2010 احتل القمصان الحمر وسط بانكوك طوال شهرين مطالبين باستقالة ابهيسيت رئيس الوزراء آنذاك قبل ان يخرجهم الجيش بالقوة. وأدت الأزمة آنذاك إلى مقتل 90 شخصاً وجرح 1900.