يا بابا لا تطلّق ماما، انطلقت هذه العبارة المؤثرة المخنوقة ألما وحزنا وتوسلا من أعماق طفلة صغيرة اصطحبها أبوها إلى سوق تجاري بالدمام لتستقر في قلبي وتشدني لألتفت إليها فأجدها طفلة ذكية مؤدبة لم تبلغ العاشرة تمسك بيد أبيها فاقتربت قليلا فإذا الأب يناديني باسمي فبادلته التحية وأخبرني بأنه أحد طلاب مدرسة الدمام الثانوية حينما كنت مديرها. فهنأته بنجابة طفلته وأدبها و سألته إن كان لها إخوة فأجاب: بنعم ثم ودعته ومسحت على رأس الطفلة التي امتلأت عيناها الجميلتان بالدموع و انصرفت وعلى بعد بضع خطوات استوقفني أبوها و اقترب مني ليسألني بما ذا أنصح به لتربيتهم فأجبته بأن أفضل شيء هو رعاية الوالدين لأبنائهما ليتربوا في أحضانهما في حب وانسجام وتعاون و بلغة تربوية راقية خالية من السب والشتم و القسوة والصراخ والشجار بين الأبوين وأن استقرار الأطفال ونموهم التربوي السليم وتفوقهم لا يتحقق إذا تفككت الأسرة وابتعد الأب أو الأم عنهم و أن ذلك يعني الفشل والضياع لهم و أنصح الأبوين بالابتعاد عن الجدال العقيم و أسباب الغضب والتوتر ، ولكنك يا أخي لا تحتاج إلى نصيحتي لكونك تمتلك صفات الحكمة والحلم والأناة فقال: أحتاج إلى لقائك لأني أتذكر سعة صدرك وحسن تعاملك فرحبت بلقائه في منزلي وحينما زارني لم أبادر بمناقشة ما قالته طفلته وكأني لم أسمعها واتضح من حديثه أنه تزوج زوجة أخرى فشغفته حبا و استولت على قلبه وبدأت تستغل هذا الحب ليطلق الأولى فبدأ ينوه عن ذلك أمام أطفاله و أمهم وهو يريد معرفة رأيي . شكرته على زيارته وثقته وعلى رغبته في إصلاح الوضع وأن لا لوم عليه في حبه للزوجة الثانية وبينت له أهمية العدل في حياتنا العامة والخاصة فهو مبدأ إلهي مقدس وأن من يطبقه يكسب الدنيا والآخرة وأن الله عز وجل منح الإنسان العقل لا ليعطله بل ليفكر به حسب منهج إلهي فصله القرآن الكريم وحسب مقتضيات الحكمة والمنطق ، وأن الحب مصدره الرغبة فهو متأثر في تصرفاته بعاطفة الحب لكنه عطل العقل ومقتضى الحق والعدل وبينت له اعتذاري أن أحدث الكلام في نفسه ما لا يروق لها فالصديق من يصدقك النصح . ثم أوضحت له أسلوب معالجة الموقف الذي أثر تأثيرا سلبيا وعميقا في نفوس أولاده وأمهم وهو أن يصارح زوجته الثانية بحبه وعاطفته نحوها ويوضح لها أن ذلك لن يحمله على الإساءة إلى زوجته الأولى وأولاده , و أن عليه أن يطبق مبدأ العدل في علاقته بالطرفين لإرضاء الله سبحانه وإرضاء ضميره والمحافظة على أولاده من الضياع و لكي يزيل ما أثر في نفوسهم مما سمعوه منه أن يقيم لهم حفلة مبسطة يجمعهم فيها ويحضر لكل فرد هدية مناسبة ويخص أمهم بهدية تعبر عن حبه وإجلاله لها ويبين لهم أن ما سمعوه إن هو إلا زلة لسان مبديا أسفه بشجاعة الواثق من نفسه وأن يطلب منهم المسامحة وأن يحتضن كل واحد منهم وخاصة أمهم وفي هذا الأسلوب إسعاد لهم وبناء علاقة حب ووفاء بينهم من جديد ثم قبّل الرجل رأسي وشكرني و بعد أسبوعين زارني ليبشرني بتطبيقه لمشورتي . [email protected]