كتبت هنا منذ أسابيع حول الانتخابات البلدية الحالية، وكان موقفي وما زال أن استبعاد المرأة السعودية يعني أن التجربة تفقد 50% من أهميتها، كما أن حرمان المرأة من المشاركة كمترشحة وناخبة يمثل خرقًا واضحًا لحق المرأة بالمشاركة السياسية، وهذا الموقف لم يتغير فهو موقف مبدئي قائم على رؤية منهجية، لكن الموقف المبدئي يختلف عن الموقف العملي، فالنشاط العام الهادف لخدمة الوطن والرقي بالمجتمع، يقوم على الربط الواقعي بين المبدأ من جهة والضرورة الواقعية من الجهة الأخرى، والمشاركة بالانتخابات أو قرار عدم المشاركة لا يخضع للمبدأ فقط، وأهمية المشاركة لا تعني بالضرورة القبول بالشروط الحالية، الانتخابات البلدية برغم اتفاقنا على جزئيتها ونقصها إلا أنها ليست مسرحية سياسية، بل عملية ديمقراطية غير كاملة وتحتاج للكثير من التطوير والتعميم، والموقف العملي هو ضرورة المشاركة المشروطة، بمعنى أن ندعو الجميع للمشاركة الفاعلة والعمل على إنجاح التجربة مع الاحتفاظ بحقنا بالنقد إن اللعبة الديمقراطية أكثر تعقيدا مما يظن أصحاب المقاطعة، فعدم المشاركة من الممكن أن يكون إيجابيا أو سلبيا بحسب محددات كثيرة، وما أسمعه وأقرأه من أصحاب موقف المقاطعة ينم عن السلبية أي عدم المشاركة بأي فعل مرتبط بالانتخابات، وهذا الموقف لا يصبح مجديا إلا في حالة واحدة، هي تحول العملية الانتخابية برمتها إلى مسرحية هزلية، مثل انتخابات مصر، والأردن خلال العام الماضي، أما بحالتنا بالمملكة العربية السعودية، فالانتخابات البلدية برغم اتفاقنا على جزئيتها ونقصها إلا أنها ليست مسرحية سياسية، بل عملية ديمقراطية غير كاملة وتحتاج للكثير من التطوير والتعميم، والموقف العملي هو ضرورة المشاركة المشروطة، بمعنى أن ندعو الجميع للمشاركة الفاعلة والعمل على إنجاح التجربة مع الاحتفاظ بحقنا بالنقد، وتشمل المشاركة بهذا المعنى المرأة أيضا ببعض تفاصيل العملية الانتخابية مثل، الدعاية والحشد لإنجاح أصحاب المواقف التقدمية، والمدافعين عن حقوق المرأة، أعمال المراقبة والرصد، تقييم التجربة بعد اكتمالها، وبالطبع ينتج عن ذلك تقارير جيدة تتيح تطوير التجربة وقياس مدى نجاحها وما شابها من سلبيات، إن الاختيار ما بين المشاركة والمقاطعة ليس سؤلا مجردا يقوم على المنهج الفكري، بل يخضع لتحليل الواقع والاستفادة الديمقراطية بأكبر قدر ممكن، وبمعنى آخر الاختيار هو بين أن نكون لاعبا أساسيا باللعبة الديمقراطية أو أن نجلس بمقاعد المتفرجين، ونحن بالمملكة أمامنا طريق طويل لتحقيق المؤسسات المدنية الكاملة القائمة على المشاركة الفاعلة لكل مكونات المجتمع، وهذا الطريق بغاية الأهمية والخطورة، فالديمقراطية ليست صائبة دائما، الصحيح هو المشاركة الواسعة الفاعلة بنشر الوعي التفاعلي بأهمية المشاركة وحتميتها كطريق وحيد للتطور الحضاري، وتحريك الكتل الصامتة أو المنعزلة هو المهمة الأصعب بهذا الطريق الطويل، نشارك لنؤثر بالنتائج ولنتعلم لعبة الديمقراطية ونجيدها كطريق للمستقبل. [email protected]