قالت صحيفة «هآرتس» العبرية: إن إدارة الرئيس باراك أوباما غير متعجلة بالغفران لوزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون بسبب تفوّهاته الاخيرة بحقها، وما سبقها من تصريحات ضد وزير الخارجية الاميركي جون كيري، وذلك على الرغم من مكالمة التوضيح التي أجراها مع نظيره الامريكي تشاك هيغل يوم الخميس، حيث أعربت واشنطن عن خيبة أملها من عدم الاعتذار الصريح من قبل إسرائيل. وقال مصدر في إدارة أوباما: إن «عدم اعتذار يعلون أمام نظيره هيجل أو أي مسؤول آخر في الادارة الامريكية هو مخيب للآمال أكثر، ولا يعكس عمق العلاقة والتعاون القائم بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل». وأشارت «هآرتس» إلى أن هذا البيان هو الثاني الذي يصدره نفس المسؤول الامريكي يأتي ردًا على ما تداولته وسائل الاعلام من أن يعلون اعتذر أمام هيغل عن تصريحاته التي ادلى بها في جامعة تل ابيب، والتي اتهم فيها إدارة أوباما بإظهار الضعف في العديد من المواقع على الساحة الدولية بما في ذلك اوكرانيا. مشيرة إلى أن الناطق باسم البنتاغون لم يذكر في بيانه أن يعلون اعتذر صراحة للوزير هاجل. وفي مكالمة عاصفة، الجمعة، تحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع بنيامين نتنياهو وأعرب عن استيائه من كلام وزير الحرب الإسرائيلي. وهذه هي المرة الثانية خلال شهرين يضطر فيها يعلون لإبداء الأسف للولايات المتحدة على تعبيراته وإهاناته للإدارة الأمريكية. وكان وصف كيري، بأنّه «مهووس» ينظر إلى نفسه أنه «المخلص» المرتقب. ولا تستطيع إدارة أوباما أن تغض الطرف، أو أن تمرر تصريحات يعلون، خاصة وأنه ألمح إلى أنه لا يقدر المساعدات الأمريكية لإسرائيل. بل إن ردة فعل واشنطن جاءت هذه المرة صريحة ومباشرة. حيث قالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي: «إنّ تصريحات يعلون ليست بنّاءة. إنّه أمر يربكنا تمامًا حين يستمرّ وزير الدفاع في التحدّث بطريقة لا تعكس الشراكة الوثيقة بيننا في مجموعة من القضايا الأمنية، والشراكة طويلة الأمد بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل». ومن وراء الكواليس، أدلى مسؤولون أمريكيّون بتصريحات أقوى. قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية لم يُعرّف عن نفسه: «هذا نمط مقلق، وفيه يعبّر وزير الدفاع الاسرائيلي عن ازدرائه تجاه الإدارة الأمريكية ويهين كبار مسؤوليها. وعلى ضوء الالتزام غير المسبوق لهذه الإدارة بأمن إسرائيل، فنحن نتساءل لماذا يبدو (يعلون) مصمّمًا على تقويض هذه العلاقات؟». ومما يوضح الغضب الأمريكي أكثر من غيره هو حقيقة أن وزير الخارجية، جون كيري، قد اهتم بالاتصال برئيس الحكومة نتنياهو، والتعبير عن استيائه. ونقلت الصحافة الاسرائيلية عن مسؤولين مقربين من يعلون أن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية قرروا اعتبار موشيه يعلون عنصرًا متطرّفًا في الحكومة وتقويض شرعيته. وتساءل الناطق بلسان البيت الابيض جي كارني ان «الولاياتالمتحدة زودت وتزود مساعدة غير مسبوقة لاسرائيل.. لماذا يواصل يعلون هذا الطرح من الاتهامات؟». وتحدث نتنياهو مع يعلون وطلب منه ايضاح الأمور، فاتصل الأخير بنظيره هيغل، وقال له: «في أقوالي لم يكن أي استفزاز أو انتقاد أو نية للمس بالولاياتالمتحدة أو بالعلاقات معها، توجد أهمية عليا للعلاقات الاستراتيجية بين الدولتين، مثلما في العلاقات الشخصية والمصالح المتبادلة. أقدر جدًا العلاقات في كل المستويات بين اسرائيل والولاياتالمتحدة بشكل عام وبين جهازي الامن بشكل خاص. لدي التزام كامل بهذه العلاقات». ورغم أن هيغل أجاب يعلون بقوله: «أعرف أن بعضًا من أقوالك أخرجت عن سياقها، وقدر العلاقات الشخصية بيننا والعلاقات بين الدولتين وأقوالك عن الالتزام بهذه العلاقات». إلا أن الأمريكيين بعد ذلك صرحوا بأنهم يعلون مطالب بنشر اعتذار علني. لكن يعلون أصبح يواجه انتقادات داخلية، أي من الإسرائيليين أنفسهم لتهجمه على دولة الفضل الأمريكية عليهم. وكتب المحلل العسكري الإسرائيلي سيما كدمون: لما كنا لا نزال دولة كل جهازها الأمني، من إطارات سيارات الجيب وحتى الطائرات، كله أمريكي، دون أن نتحدث عن اضطرارنا لأن نحظى بالفيتو الامريكي في مجلس الامن، فإنه لا مفر من ان نعترف في أن لدينا وزير دفاع غير حكيم. وأضاف: تعالوا نسمّ الولد باسمه: إما أن وزير الدفاع يعرف شيئًا نحن لا نعرفه أو أنه ببساطة غبي. هكذا فقط يمكن شرح سلوك الوزير الاكثر أهمية في الحكومة الاسرائيلية والذي من شأن تصريحاته عن الادارة الامريكية ان توقع كارثة في العلاقة الاكثر اهمية، إن لم نقل الوحيدة، التي توجد اليوم لدولة اسرائيل وتغطيها دعمًا عسكريًا وسياسيًا في الاممالمتحدة ومجلس الامن. وقال المحلل كدمون: «ينبغي لنتنياهو شخصيًا أن يعتذر للامريكيين على الاقل مثلما اعتذر هذا الاسبوع للأردنيين على مقتل قاض فلسطيني أردني، وأن يلزم وزيره الغبي باحترام الامريكان. وختم المحلل العسكري بالقول: «علاقاتنا مع واشنطن لا تقل أهمية عن علاقاتنا مع الأردن». في المقابل تساءل المحلل عنار شيلو: لماذا يصمت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تصريحات وزير دفاعه الفظة الفجة؟ وأجاب: «لأن نتنياهو في سريرته يعتقد نفس اعتقاد موشيه يعلون. وقال: «كنا نتوقع بشرى وقد أسرعت البشرى في الوصول، وهي أنه لا حل، فلا حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني. والتفاوض السياسي لا بقاء له، وكذلك أيضا صيغة دولتين للشعبين. وليس محمود عباس شريكًا. واتفاق السلام ليس في جيلنا، ثم قفز وزير الدفاع برفضه السياسي وبتصريحاته غير الدبلوماسية، ليبصق في البئر التي يشرب منها فتهجم على امريكا وسياستها وتحيزها وضعفها، اذا كان الامر كذلك فلماذا يصمت نتنياهو؟ وكل رئيس وزراء ذي مسؤولية لو كان في موقعه لدعا الوزير الذي يخالف أسس سياسته ويُفسد بصورة منهجية المسيرة السياسية والعلاقات الخارجية للدولة، الى النظام والانضباط. وأضاف المحلل شيلو إن نتنياهو يصمت لأن يعلون يساعده. فالنهج المتطرف الفظ لابن الكيبوتس (المستوطنة الزراعية) الخشن يساعد رئيس الوزراء الداهية على أن يبدو معتدلًا نسبيًا. وحينما يحث الامريكيون نتنياهو على تبني عباس؛ لأن البديل عنه أسوأ كثيرًا، يغمز نتنياهو الامريكيين بصمته قائلًا: يحسن بكم أن تتبنوا مواقفي لأن البديل أسوأ كثيرًا. ومضى يقول: «لكن يوجد سبب آخر لصمت رئيس الوزراء: فبرغم الفروق البارزة في الأسلوب بين ابن البروفيسور من رحافيا والعامل في الاسطبل في الماضي، فيبدو أن نتنياهو يشبه يعلون في داخله، فكلاهما عارض الانفصال عن غزة، في حينه وكلاهما يستخف بالمسيرة السياسية وعباس بل بكيري وبباراك اوباما. إن يعلون هو الجانب المظلم من نتنياهو وهو يعبر بفظاظة عما يفكر فيه رئيس الوزراء في سرّه. وبحسب شيلو المحلل في الشؤون الاستراتيجية فإن: ادعاء أنه لا حل سياسيًا يرمي الى تأبيد حل عسكري، وهو الاحتلال والاستيطان وسيطرة وزارة الدفاع على دولة اسرائيل. وقد بُشر الجمهور هذا الاسبوع بأن يعلون يؤيد حلًا عسكريًا (هجومًا إسرائيليًا) في القضية الايرانية أيضا. ويُشك في أن يستطيع يعلون الانتصار على ايران، لكنه قد انتصر على اسرائيل. فإذا رفضنا كل مبادرة سياسية وعشنا على سيوفنا الى الأبد فسننفصل عن حليفاتنا امريكا وستظل وزارة الدفاع تستهلك أفضل مواردنا وستنهار تمامًا المجالات المدنية الحرجة (التربية والصحة والسكن والرفاه). وفي هذه الحال لا داعي الى أن نسأل هل سيكون يعلون رئيس الوزراء في المستقبل؟ فقد أصبح الآن رئيسًا للوزراء بالفعل وهو يُدهورنا الى الهاوية.