حذر مختصون وأكاديميون من تنامي ظاهره القروض المتعثرة للأفراد التي تجاوزت 25 مليارا في الموسمين الأخيرين، في الوقت الذي سجلت فيه القروض الاستهلاكية للأفراد نموا خلال الموسمين الأخيرين تجاوز 17% عن العام 2009 بحسب تقارير مؤسسة النقد ووصلت إلى حدود 204 مليار ريال. وأشاروا في حديثهم ل «الرياض» الى أن ارتفاع حجم القروض الكبيرة للسلع الاستهلاكية وبطاقات الائتمان يثيران القلق بالسوق المحلي في ظل قيام الكثير من المستهلكين بعدم الترشيد في عملية الاقتراض، مما وضع الكثير من هؤلاء المقترضين في مشاكل مادية مع الديون والأقساط المتراكمة، الأمر الذي ساهم في نسف الجهود الرامية إلى رفع درجات الوعي الادخاري والاستثماري. وقال الدكتور صلاح الشلهوب مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: إن نمو حجم القروض الاستهلاكية في السوق المحلي يرجع إلى زيادة حجم القروض المرتبطة بالتمويل العقاري الذي يعتبر مؤشر جيد للمستهلك. وأشار إلى أن حجم القروض الكبيرة للسلع الاستهلاكية وبطاقات الائتمان يثيران القلق إذ أن الكثير من المستهلكين لا يمارسون الترشيد في عملية الاقتراض كون هذه القروض لا تقدم للمقترض قيمة مضافة، بل تزيد من حجج الاستهلاك السلبي الذي يؤدي إلى الزيادة في الطلب على السلع وارتفاع الأسعار وتحمل أعباء ديون أكثر. وأكد الشلهوب أن نمو التمويل الاستهلاكي على حساب التمويل الاستثماري يحقق للبنوك ومؤسسات التمويل عوائد اكبر بسبب ارتفاع تكلفة التمويل الشخصي مقابل تمويل الشركات، وبالتالي تحقيق عوائد أكبر. وتابع: الضمانات للتمويلات الشخصية أصبحت أكثر أمانا بسبب أن البنوك ترهن رواتب الموظفين وتتقاضى أقساطها الشهرية بشكل مباشر، معتبر ذلك مؤشرا سلبيا بالتركيز على التمويل الاستهلاكي مقابل التمويل الاستثماري. وقال: إن حصول الشركات على تمويل لمشاريعها له أثر في تحقيق عوائد كبيرة للاقتصاد الوطني، من زيادة في الإنتاج وتوفير فرص العمل لأفراد المجتمع. من جانبه، قال الدكتور سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف: القروض تلعب دوراً كبيرا في دفع أفراد المجتمع على المضي قدماً في إنفاق الأموال الضرورية والاستهلاكية مما وضع الكثير من هؤلاء المقترضين في مشاكل مادية مع الديون والأقساط المتراكمة، الأمر الذي ساهم في نسف الجهود الرامية إلى رفع درجات الوعي الادخاري والاستثماري. ونوه بأنه من الملاحظ في السنوات الأخيرة ارتفاع نسبة هذه القروض خاصة بعد ارتفاع أسعار السلع والخدمات وغلاء الحياة اليومية وصعوبة مواجهة المصاريف الضرورية على وجه الخصوص في مجالات التعليم والعلاج والسكن وبقاء الدخول ثابتة كما هي مما زاد من أعباء الأفراد وخاصة ذوي الدخل المحدود. ونتيجة لذلك لجأت الكثير من الأسر إلى القروض الاستهلاكية لتحقيق نوع من التوازن بين ضعف القوة الشرائية وغلاء الحياة المعيشية في ظل تعدد مؤسسات الإقراض مما زاد التنافس بينها لتقديم العديد من العروض المغرية لتجذب أكبر عدد من المقترضين. وطالب باعجاجة بتعزيز مبادئ الادخار وغرس مفاهيمه في المجتمع للحد من ظاهرة انتشار القروض الاستهلاكية. داعيا مؤسسة النقد للإسراع بإيجاد حلول ملائمة للمقترضين، ووضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية التي تساعد على حل مشكلة تراكم الديون على المواطنين.