لكل واحد منا عدة أدوار في الحياة شئنا ذلك أم أبينا، وهذه الأدوار متداخلة ومتشابكة، وهناك مشكلة متكررة نعاني منها كثيرا ولا يكاد ينجو منها إلا القليل منا، ألا وهي الفصل بين الأدوار في الحياة. نحن مثلا نكون آباء أحيانا، ونكون أزواجا أحيانا أخرى، إضافة إلى ذلك لنا أدوار مختلفة في الحياة منها ما هو مهني واجتماعي وسياسي. المشكلة هي في تداخل الأدوار و طغيان بعضها على بعض، فذلك يوجد نوعا من الضيق وعدم الارتياح النفسي، بل قد نتخذ بعض القرارات الانفعالية، لأننا لا نستطيع أن نتحرر من دور على حساب الدور الآخر، وهذا يؤثر سلبا على سلوكياتنا وعلاقاتنا مع الآخرين. وأذكر في هذا المقام أن أحد المحاضرين في إحدى الدورات كان يقول: إنه اعتاد قبل أن يدخل بيته عائدا من العمل أن يقف عند الباب قليلا حتى يخرج من عباءة الوظيفة ليلبس عباءة الأب وحتى يتقمص الدور جيدا قبل يلتقي بأبنائه وبناته. وأعتقد أن هذا الأسلوب نافع وهو يذكرنا ببعض المواهب التمثيلية، التي يستطيع فيها الممثل أن يتقمص عدة أدوار في المشهد الواحد، لكن هل الحياة تمثيلية نخدع بها الجمهور ؟! الحياة أصعب من ذلك لأن أداءنا فيها لا بد أن يكون حقيقيا وصادقا ليلامس شعور الآخرين حتى لا نخسرهم. ومع أهمية كل دور فلا أعتقد أن مسألة الفصل بين الأدوار بتلك الصعوبة، بل مع قليل من التدريب والصبر سوف تصبح عادة ومهارة نكتسبها، هذه المهارة الجديدة ستعلمنا كيف ننزع ثوب العمل لنلبس ثوب الأب ثم ننزعه لنلبس دور الزوج، وهلم جرا. وبمناسبة حديثنا عن أدورانا كأزواج، فقد روي أن ابن عباس رضي الله عنه قال: لا بد للرجال أن يتجملوا للنساء كما تتجمل النساء للرجال! لكن للأسف كثير منا اشتهر بأنه الزوج أبو سروال وفلينة.