ورغم ذلك لم يحرك المسئولون عن التعليم في وزارة التربية والتعليم ساكنا للتجاوب معهم لوضع الحلول المناسبة للتغلب على تلك المشاكل والتي لم تخرج إلا طالبا وطالبة محترفين في أرقى أساليب التلقين. مقابل هذا التأخر الكمي والكيفي والنوعي في المناهج الدراسية في بلادنا، نجد أن بعض الدول المتقدمة أصبحت تتبع طرقا جديدة في التعليم أو ما يطلق عليه تكنولوجيا التعليم والذي يتمثل في الطرق الحديثة المستخدمة لتطوير وتحديث التعليم والتي أصبحت اليوم احدى المكونات الرئيسية في منظومة التعليم الحديث، بدلا من الطرق القديمة المتمثلة في الوسائط المتعددة، نظم التقليد والمحاكاة، التعليم عن بعد، وغيرها. وتتمثل الطرق الحديثة في التعليم بما يطلق عليه التكنولوجيا التعليمية الذكية، والتي أرى أنها ستغير وجهة النظم التعليمية المتبعة حاليا. وتعتمد تكنولوجيا التعليم الذكية على الانتشار الواسع لاستخدام وتطبيق مفاهيم ونظريات ما يسمى علم الذكاء الاصطناعي، وعلوم الإدراك المعرفية، كما قرأت في أحد المقالات. فالتقدم في علم الذكاء الاصطناعي، يؤدي إلى تحسين وتطوير النظم التعليمية من خلال الفهم العميق لكل من كيفية تمثيل المعرفة وأساليب الاستنتاج والاستدلال إضافة إلى الوصف الدقيق للطرق المعرفية، أما التقدم في علوم الإدراك المعرفية، فهو يؤدي إلى الفهم العميق للقضايا العلمية المرتبطة بطرق تفكير البشر وتوجيه تركيزهم نحو الاستخدام الأمثل للعقل البشري. إن انصهار واندماج تكنولوجيا التعليم الذكية بعضها ببعض، سيؤدي بما لا يدع مجالا للشك إلى تصميم وانتاج برمجيات تعليمية من نوع جديد، تتميز بالذكاء ولها صفات وقدرات تساعد الطلاب في التعلم بطريقة أفضل وأحسن وأسرع من الأجيال السابقة، وذلك بعد فهمهم واستيعابهم أهمية الإدراك والقدرة على التفكير والاستنتاج والاستدلال في حل أي مشكلة في أي مجال. كما اتبعت وسائل أخرى في تكنولوجيا التعليم الحديثة، مثل تكنولوجيا الطلاب الافتراضيين. وتعتمد تكنولوجيا الطلاب الافتراضيين أساسا على فكرة استخدام الإنسان الآلي، أو ما يعرف بالروبوت في مجال التعليم، فالطالب الافتراضي هذا عبارة عن روبوت مزود بجميع تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، والتي تقارب إلى حد ما الذكاء عند الإنسان الطبيعي. ويجلس هذا الطالب الافتراضي (الروبوت) في الفصل بين الطلاب البشريين، ويقوم بالتحاور والتفاعل معهم في فهم الدروس وطرق حل المسائل والتمارين، مما يسرع في عملية النماء والنضج للطلاب، ويدفعهم إلى التفكير فيما يملكونه من معرفة. فمن خلال هذه التكنولوجيات، يستطيع هؤلاء الطلاب الافتراضيين التفكير والسمع والكلام والتجول في الفصل والمناقشة. وذلك نظرا لما يملكونه من قواعد ضخمة للمعرفة ونظم برمجيات ذكية، تستطيع فهم وتحليل الكلام، إضافة إلى القدرة على تحليل وفهم المعلومة في جميع إشكالها. ويمكن تطبيق هذه الفكرة على المدرسين أيضا بوجود مدرس افتراضي (روبوت) يساعد المدرس البشري في عمله، بل ويمكنه أيضا أن يكون بديلا عن المدرس البشري في حالة تغيبه عن العمل. ويمكن أن يكون فاعلية أكبر للمدارس التي لا يوجد فيها اختلاط والموجود في الكثير من بلدان العالم بما فيهم مدارسنا وجامعاتنا السعودية. إن ما ذكرته سابقا ليس من الخيال العلمي، بل هو مطبق بالفعل في بعض الفصول الدراسية الأمريكية. كما انه قد تم تقييمه بالفعل والقليل منه ما زال في مرحلة الاختبار في المعامل البحثية والتربوية. ونهاية أريد أن أوضح أنني لا اطلب من الجهات المسئولة عن التدريس في السعودية إتباع هذه الأساليب التربوية الحديثة، لأن هذا قد يأخذ عشرات السنين، ولكن أريد أن أقول لهم: رفقا بأولادنا وبناتنا الطلاب والطالبات، فهم يتخرجون وعقولهم فارغة تماما.