يحكى ان عاصفة هوجاء عصفت بقارب يقل كيميائيا وجغرافيا واقتصاديا, فقدوا على إثرها مجاديفهم ووجدوا انفسهم في عرض البحر تائهين, ونفد ما لديهم من طعام الا بعضا من المعلبات. ولما عجزوا عن فتحها اقترح الكيميائي تعريضها لماء البحر المالح لعدة ايام حتى تتآكل اطرافها وتتحلل فيسهل فتحها, وشارك الجغرافي في اختيار الزوايا المناسبة لاشعة الشمس لتساعد في عملية التآكل والتحلل. وظل الاقتصادي يفكر في حل آخر بينما اخذ منهم الجوع مأخذه. وكان لابد من حل ينقذهم من الموت المحدق بهم, فتبسم الاقتصادي في الوقت المناسب بعد ان هداه تفكيره الخلاق الى حل ناجع فهدأ من روع رفيقيه وقال لنفترض ان لدينا فتاحة لفتح هذه المعلبات لنأكل ما بها حتى تعود الينا قوتنا لتعيننا على الصمود حتى يستوي قاربنا على جودي الامان. والسؤال الكبير الذي تتراقص امامه اكثر من علامة استفهام الآن هو, هل يستطيع علماء الاقتصاد في عصرنا الحديث ان يصلوا الى حلول ناجعة لمشاكل العالم الاقتصادية بهذه البساطة. لم يعد العالم كما كان من قبل, حيث اسهمت العولمة في ربط اجزائه وتشابك تعاملات سكانه, مما جعل مشاكل الاقتصاد تتجاوز الحدود الاقليمية. وشكلت التكتلات الاقليمية, او تلك التي تجمع بين مجموعة إنتاجية, أنموذجا للتعامل مع المتغيرات الاقتصادية في عالم اليوم. وتبرز من هذه التكتلات الاقتصادية في العالم العربي, تجربة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وبمعيار الاداء في العالم العربي, تعتبر هذه التجربة ناجحة, وان كانت مسيرة الاداء الاقتصادي فيها بطيئة, رغم انها الجانب الاكثر اهمية في المجلس. ولعل السبب في ذلك يعود في المقام الاول الى بعد القرار السياسي عن ادراك اهمية الاقتصاد. قد تختلف الدول سياسيا, وقد يتمكن البعض من تبرير هذا الاختلاف, الا ان الخلافات الاقتصادية يجب ان تسوى بموضوعية, وان تخضع لابجديات علم الاقتصاد, والتي تقول ان التكتلات الاقتصادية تهدف الى دعم العمل الجماعي حتى تتحقق المكاسب لكل اعضاء التكتل. وهذا ما لا يتحقق الا بالتزام الاعضاء بنص وروح ما اتفقوا عليه. اذا سلم الاقتصاد من عبث السياسة, سيكون بمقدور علماء الاقتصاد ان يقدموا حلولا ناجعة لكل مشاكل العالم الاقتصادية.