كشف إسماعيل هنية عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية تحاولان إغراء السلطة الفلسطينية بالمفاوضات وإجراء بعض التسهيلات تزامناً مع قتل الرئيس عرفات بالسم،وحذر هنية في لقاء مع (اليوم) من أن الركون إلى الوعود الأمريكية والصهيونية يعد ركضاً خلف السراب، ومطالباً بعدم العودة إلى نقطة الصفر وإرباك الساحة الفلسطينية. وشدد هنية على أن القيادة الجماعية والشراكة في القرار حق للجميع وتعبير عن إرادة الجماهير ولن تقبل حماس وقوى الشعب الفلسطيني بسياسة التفرد،وفيما يلي نص اللقاء: دليل التسميم @ ما الخلفية التى استندت إليها تأكيدات حماس على أن وفاة عرفات نتيجة تسميم؟ * الملابسات والشواهد، وظروف الوفاة والتدهور المفاجئ في صحة الرئيس أثناء وجوده في المقاطعة، وما صاحب ذلك من إجراءات في مستشفى بيرسي الفرنسي أكد لدينا قناعة راسخة أن (إسرائيل) سممت الرئيس عرفات، وأن شارون تخلص منه بعملية اغتيال مستترة. لقد كنا نود أن يكون موقف السلطة مغايراً عما هو عليه الحال، بحيث نشعر بأن هناك موقفاً يشكل تعبيراً عن حقائق الواقع وعن المسؤولية الوطنية، بدلاً من الانشغال في حمى المفاوضات من جديد، وعلى ما يبدو فإن الإقرار بحقيقة تسميم الرئيس عرفات ومتابعتها ومحاسبة المتسببين بها سيؤدى إلى تسميم الأجواء مع الاحتلال وقيادته، وبالتالي يؤدى إلى إفساد مبكر لأجواء المفاوضات القادمة مع شارون، وإلاَّ بماذا نفسر قول الرئيس لأحد المقربين إليه في المقاطعة يا فلان!! هل وصل إليَّ الإسرائيليون أخيراً؟، حينما بدأ يشعر بتغير مفاجئ في وضعه الصحي. نحن نعتقد أن هناك تواطؤاً دولياً، وسكوتاً مقصوداً من بعض الأوساط في القيادة، لأن استحقاق الإعلان الرسمي عن تسميم الرئيس مكلف، ويبدو أن السلطة غير مستعدة له. ضوابط شرعية @ لماذا كان الاهتمام الكبير من حماس بحدث وفاة عرفات؟ -استندنا في موقفنا تجاه وفاة الرئيس إلى ضوابط شرعية، ووطنية، وإنسانية في وقت واحد، وتأكيداً على مسؤولية الحركة تجاه شعبنا في حالٍ كهذه، وقد كان لموقف الحركة أثره الطيب على الساحة الفلسطينية عموماً، ولاقى استحساناً ورضا من أبناء الحركة،وبالمناسبة، فإن مشاركتنا وقادة الفصائل في جنازة الرئيس عرفات في القاهرة جاءت بطلب منا ثم بموافقة مصرية، فالفكرة أصلاًُ جاءت من طرفنا لإظهار صورة عملية لوحدة شعبنا وقواه في مثل هذه المحطات المهمة، وكذلك كان الموقف داخل الأرض المحتلة. رسالة إغراء @ لماذا الاهتمام الصهيوني والأمريكي الحالي باستئناف المفاوضات والعودة إلى خريطة الطريق بعد وفاة الرئيس عرفات؟ * هذه رسالة إغراء متزامنة مع رسالة التسميم، ورسالة الإغراء تتمثل في أن شارون سيغيِّر موقفه، ويخفِّف من تشدده مع القيادة الفلسطينية الجديدة وأن الإدارة الأمريكية ستفتح البيت الأبيض لهذه القيادة بشرط أن تلبي شروط المرحلة وتنهي (التشدد) الفلسطيني، وتقبل بما هو معروض في خريطة الطريق، ونسختها المعدلة المتمثلة في خطة شارون لفك الارتباط من طرف واحد، مع تعديل جديد عليها أنها يمكن أن تجرى بالتفاهم مع الشريك الفلسطيني الجديد بعد رحيل عرفات.. وفي مقابل ذلك على القيادة الفلسطينية أن تقدم بين يدي ذلك ما يدلل على حسن النوايا، بدءاً بوقف التحريض ضد (إسرائيل) وتغيير مناهج التعليم والإعلام الفلسطيني، ثم بالتهدئة والهدنة، وصولاً إلى وقف الانتفاضة، ثم القضاء على أجنحة المقاومة للفصائل ونزع أسلحتها!!إذن هذه هي محاور الخطة الصهيونية، مما يجعل كل الأطراف الفلسطينية ذات الصلة أمام اختبار كبير: إما الاستجابة والتماهي، وهذا سيعقبه إرباك واسع في الساحة الفلسطينية، وإما الثبات والتمسك بوحدة شعبنا وحقوقه، وأملنا كبير في وعي قيادات شعبنا وأطرافه المختلفة لتفويت الفرصة. ثوابت وطنية @ وما الدور المطلوب من الفصائل والسلطة في مرحلة ما بعد الرئيس عرفات؟ * على المستوى السياسي لا بد من التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية وحقه المشروع في الدفاع عن نفسه أمام الاحتلال والعدوان، وعدم الانزلاق من جديد إلى دوائر المفاوضات البائسة واستحقاقاتها التي تمس جوهر القضية وعدم إعادة إنتاج المرحلة التي صاحبت بدايات تطبيق أوسلو، وهذا ما هو ملاحظ من حيث السيناريو والخطاب والتحركات، وكل ذلك يؤثر سلباً على توحد الشعب الذي تجلى في السنوات الأربع الماضية. وأما إدارياً، فهذا تحدٍّ كبير، واختبار حقيقي، فالسنوات الأخيرة التي سبقت رحيل عرفات رحمه الله كانت تلح على الجميع بضرورة إنهاء حالة التفرد في الساحة الفلسطينية، وحتمية تشكيل قيادة وطنية موحدة على قاعدة الشراكة الحقيقية في القرار السياسي الفلسطيني، فكيف الحال وقد رحل أبوعمار!، وإذا كنا ومعنا الكثيرون قد رفضنا سياسة التفرد في حياة عرفات فكيف لنا أن نقبلها في مرحلة ما بعده؟! @ كيف تقيِّمون ما بدأته فتح والسلطة بترتيب البيت الفتحاوي كخطوة على طريق ترتيب البيت الفلسطيني؟ * نحن مع ترتيب ووحدة حركة فتح وابتعادها عن أي تنازع أو صراع لأن ذلك مصلحة وطنية، ولكننا في الوقت ذاته نرى أن المرحلة الجديدة تفرض استحقاقاً فلسطينياً شاملاً يتعلق بالقيادة وإدارة القرار الفلسطيني؛ خاصة أننا أمام مرحلة بالغة الدقة والخطورة سواء من زاوية المحافظة على الحقوق والتضحيات، أو من زاوية التصدي للمؤامرات القادمة، ومحاولات العبث بالساحة الفلسطينية. الاستحقاق الانتخابي @ ماذا عن موقف حماس من الانتخابات الرئاسية؟ * السلطة تريد حصر الاستحقاق الانتخابي في انتخابات الرئاسة فقط، لأن المطلوب والضروري بالنسبة لها هو ملء موقع شاغر يتعلق برئيس السلطة، والقانون يجبرها على أن يكون ذلك بالانتخابات بعد 60 يوماً.. ونحن أكدنا أن الاستحقاق لا يجب أن ينحصر في ذلك، بل هو استحقاق فلسطيني وطني شامل،موقف حماس يرتكز على مبدأ الانتخابات كحق لكل مواطن وكوسيلة حضارية، وضرورة إجراء انتخابات شاملة ومتزامنة والحركة سوف تعلن موقفها بشكل نهائي من الانتخابات الرئاسية قريباً وفور الانتهاء من دراسة ذلك في مؤسساتها الحركية.