توقع البنك الدولي ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي لدول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا خلال العام الحالي بنسبة 4.7 بالمائة، وان تشهد مدخولات الدول المصدرة للنفط في المنطقة انتعاشة قوية في ظل الارتفاع الكبير للاسعار مما سيساهم في تحقيق نمو في مجال الطلب المحلي وان يظل نمو الناتج الاجمالي المحلي لهذه الدول مرتفعا بنسبة 5 بالمائة. وأوضح البنك في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2005 ان عائدات النفط القوية دفعت ميزان الحساب الجاري لجميع دول المنطقة إلى تحقيق فائض بلغ 92 مليار دولار، أو 14.4 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، مشيرا إلى انه في حالة شمول المنطقة الدول مرتفعة الدخل كالامارات والكويت فيتوقع ان يرتفع الفائض إلى 120 مليار دولار أو 15.1 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، مما يمثل طفرة غير مسبوقة منذ اقوى ارتفاع لاسعار النفط في السبعينيات. استفادة غير مباشرة ولفت التقرير إلى ان الدول المستوردة للنفط داخل المنطقة استفادت هي الاخرى من ارتفاع اسعار النفط بشكل غير مباشر انعكس على تصاعد الناتج المحلي الاجمالي لها إلى حد ما خلال العام الجاري إلى 4.2 بالمائة، وذلك من خلال زيادة الطلب الاقليمي على صادراتها وارتفاع حجم التحويلات القادمة اليها من العاملين بالدول المصدرة للنفط. وأشار تقرير البنك الدولي إلى ان الحرب ضد العراق انعكست سلبا على التدفقات الاستثمارية القادمة إلى المنطقة التي شهدت تراجعا ملحوظا. وتوقع البنك الدولي ان يستمر النمو الاقليمي قويا في عام 2005 قبل ان يتراجع قليلا إلى 4.5 بالمائة في عام 2006، حيث تشير الدلائل إلى حدوث اعتدال منطقي في نمو الدول المصدرة للنفط عند 4.1 بالمائة في هذا العام بعد ان تستقر الاسعار فوق 30 دولارا للبرميل، ومن ثم يتراجع فائض الميزان التجاري من 120 مليار دولار إلى 100 مليار دولار في عام 2005 وإلى 60 مليار دولار عام 2006. التجارة مع الاتحاد الاوروبي وبحسب التقرير فان الدول التي قامت بتوقيع اتفاقيات تجارية مع الاتحاد الاوروبي في المنطقة ستستفيد من مزايا الدخول التفضيلي للاسواق الاوروبية ومن ثم يتوقع ان يرتفع النمو في هذه البلدان وذلك رغم المنافسة المتوقعة من الدول المنضمة حديثا للاتحاد الاوروبي التي ستعمل هي الاخرى على الاستفادة القصوى من الاسواق الجديدة، مما يتطلب تعزيز الجهود لتحسين الانتاجية ودعم جودة الصادرات. الاتفاقيات الاقليمية واعتبر التقرير ان اتفاقيات التجارة الإقليمية، بما في ذلك اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية بين بلدان الشمال وبلدان الجنوب وفيما بين بلدان الجنوب، يمكن أن تؤدي إلى تحسين آفاق التخفيض السريع لأعداد الفقراء، شريطة قيام البلدان النامية بتضمين ذلك في استراتيجية تستهدف تحرير التجارة على الجبهات الثلاث - الأحادية الطرف والثنائية والإقليمية. 2004 الافضل وفضلاً عن تحليل اتفاقيات التجارة الإقليمية، ينوّه التقرير في سياق استعراض الآفاق العالمية إلى أن من المرجّح أن يكون عام 2004 الأفضل منذ عام 1974 من حيث معدلات النمو في البلدان النامية.وتفيد التقديرات أن معدل النمو سيبلغ 6.1 بالمائة، وذلك نتيجة انتعاش عالمي دوري قوي من الهبوط الذي شهدته الفترة 2001-2002، مع الأداء القوي الذي شهدته كافة المناطق.كما أن معدل نمو الاقتصاد العالمي في عام 2004 قوي ويبلغ 4بالمائة، ولكن يتوقع التقرير تباطؤ هذا المعدل ليبلغ 3.2 بالمائة في عامي 2005 و 2006 ومن المتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي في البلدان النامية أيضاً، بحيث يهبط المعدل من 6.1 بالمائة في عام 2004 إلى 5.4 بالمائة في عام 2005 و 5.1 بالمائة في عام 2006. شرق آسيا ويواصل معدل نمو اقتصادات منطقة شرق آسيا تخطّيه معدلات نمو اقتصادات المناطق الأخرى، ولو بخطى أكثر بطئاً، حيث سيبلغ 7.1 بالمائة في عام 2005. علماً بأن معدل نمو اقتصادات منطقة جنوب آسيا يليه مباشرة عند مستوى من المتوقع أن يبلغ 6.3 بالمائة.ومن المتوقع أن يشهد معدل نمو الاقتصاد الصيني هبوطاً طفيفاً استجابة لجهود الحكومة الصينية الرامية للحيلولة دون فرط النشاط الاقتصادي المؤدي إلى التضخم النقدي. كما من المتوقع أن تشهد اقتصادات بلدان منطقة شرق آسيا بعض الاعتدال في معدلات نموها بعد أن استفادت من زيادة بنسبة 30 بالمائة في طلب الصين على الواردات منها في هذه السنة.أما روسيا والبلدان المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المستفيدة من أسعار النفط المرتفعة في عام 2004 فمن المتوقع أن تشهد هبوطاً مماثلاً في عام 2005 مع هبوط أسعار النفط. الأمد المتوسط في الأمد المتوسط إلى الطويل، يتوقع التقرير أن تتمكّن البلدان النامية من مضاعفة معدل النمو الذي شهدته في تسعينيات القرن العشرين بفضل بدء ظهور نتائج استثماراتها في الإصلاحات الهيكلية.ومما يجب أن يساعد البلدان النامية - فيما بين عام 2006 وعام 2015 - على بلوغ معدل للنمو السنوي بنسبة الفرد يبلغ 3.4 بالمائة في المتوسط، مقابل أقل من 2 بالمائة في تسعينيات القرن العشرين: استمرار تحسين استقرار اقتصادها الكلّي، وزيادة مرونة نقل الموارد إلى فرصٍ تنافسية، وتحسين مناخ الاستثمار، وزيادة تخفيض الحواجز أمام التجارة، مع مواصلة إحراز تقدّم في البلدان السائرة على طريق التحوّل إلى نظام السوق.ومع أن معدل النمو هذا خاضع لمخاطر عالمية ومخاطر في كل من البلدان، فإنه سيمكّن كافة المناطق ماعدا أفريقيا جنوب الصحراء من تخفيض أعداد الفقراء إلى النصف بحلول عام 2015، وهذا هو الهدف الأول من بين ثمانية من الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة. أفريقيا الأقل نموا ويحذر التقرير من أن بعض البلدان، لاسيما في أفريقيا، لم تشهد معدلات النمو المرتفعة هذه. أما منطقتا شرق وجنوب آسيا فهما في الطليعة دائماً في تحقيق معدلات نمو مرتفعة. غير أن هذه التوقعات المشرقة معرّضة لمخاطر، منها: ارتفاع وتقلبات أسعار النفط، والزيادات المفاجئة في أسعار الفائدة المتصلة في تسويات وتعديلات الحساب الجاري والعجوزات الحكومية في الولاياتالمتحدة، والتعثّر الممكن في جهود إبطاء فرط نشاط ونمو اقتصاد الصين. ويحث التقرير على استخدام "الإقليمية المُنفتحة" لتكميل إصلاحات التجارة من طرف واحد بما يربط الإصلاحات المحلية بالإصلاحات المتعددة الأطراف من أجل تحقيق القدرة الواسعة النطاق على الوصول إلى الأسواق الدولية. ويقول التقرير: ان العناصر الرئيسية في اتفاقيات التجارة الإقليمية التي تشجّع التنمية تتضمّن: انخفاض الحواجز الحدودية أمام التجارة الخارجية, وتشجيع المنافسة الجديدة عبر الحدود، واعتماد قواعد منشأ غير تقييديّة، وتقليل المنتجات والقطاعات المُستثناة، وزيادة انفتاح أسواق الخدمات.فاتفاقيات التجارة الإقليمية الفعالة يمكن أن تساعد في تخفيض التوترات السياسية الإقليمية، وأن تستغل وفورات الحجم في مجال تقديم خدمات البنية الأساسية، فضلاً عن تسهيل التوصّل إلى برامج مشتركة لتحسين المعابر الحدودية. اتفاقيات ناجحة ومن الأمثلة على الاتفاقيات الناجحة: اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، والاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي وبلدان أوروبا الشرقية، ومنطقة التجارة الحرة في شرق آسيا التابعة لرابطة أمم جنوب شرقي آسيا.غير أن من الممكن تحسين كافة هذه الاتفاقيات.والواقع أن أكثر الأمثلة نجاحاً في الاندماج العميق في العالم - الاتحاد الأوروبي - تطور وارتقى تدريجياً، ومع بعض التعثّر أحياناً، نحو زيادة الاندماج والتكامل. حواجز التجارة الخارجية وخلُص التقرير إلى أن المناطق التي تجد الحواجز الحدودية أمام التجارة الخارجية لديها أخفض مما لدى غيرها حققت أكبر نجاح في تنويع اقتصاداتها وفي استغلال ظهور سلاسل الإنتاج العالمية في الصناعات التحويلية.فمنطقة شرق آسيا، على سبيل المثال، هي المنطقة التي لديها أخفض الرسوم الجمركية على الواردات من الخارج وأعلى نسبة من التجارة البينية الإقليمية إلى إجمالي الناتج المحلي. كما أن منطقة أوروبا الشرقية التي قامت منذ انتهاء الكتلة السوفييتية بعمليات إصلاح لتحقيق اندماج اقتصاداتها في السوق العالمية ليست متأخرة كثيراً عن منطقة شرق آسيا في هذا المجال.أخيراً، استفادت بلدان منطقة أمريكا اللاتينية من التخلي عن السياسات السابقة الداعية لإحلال الواردات، ومن انفتاح أسواقها على المنافسة من واردات خارجية والتكامل مع السوق العالمية - وهذا ما أدى إلى حفز زيادة كبيرة في التجارة البينية الإقليمية. الشرق الاوسط في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، تأخر تحرير التجارة الخارجية مع البلدان المعطاة معاملة الدولة الأكثر رعاية عما في المناطق الأخرى، ومازالت الرسوم الجمركية على الواردات من الخارج مرتفعة.وهذا ما أدى - جنباً إلى جنب مع الصراعات الإقليمية - إلى إعاقة التكامل التجاري في هاتين المنطقتين. إلا أن تحسّن العلاقات بين الهند وباكستان يفتح المجال أمام فرص تشجيع التنمية من خلال زيادة التكامل الإقليمي.فمنطقة التجارة الحرة لبلدان جنوب آسيا يمكن أن تكون جزءاً من استراتيجية لزيادة الانفتاح، ولكن ليس من المرجّح أن تنجح إلا إذا استفادت من الدروس المكتسبة من الاتفاقيات التي فشلت في مناطق أخرى من العالم. ويرى التقرير أن الاتفاقيات الإقليمية "المُنفتحة" يمكن أن تكمل عملية التحرير المُتعدد الأطراف للتجارة. فالإصلاح المشترك للجمارك عند الحدود يمكن أن يؤدي إلى تخفيض تكاليف التبادل التجاري التي يمكن أحياناً أن تكون أكثر إرهاقاً من الرسوم الجمركية نفسها، ولكن التنفيذ غالباً ما يتأخّر.