عزيزي رئيس التحرير لو اجريت مقارنة بسيطة بين صنفين من المديرين ومسؤولي الادارة الحكومية لوجدت اختلافا كبيرا في الاسلوب الاداري والتنفيذي لدى هذين الصنفين. فالصنف الاول ايجابي ومرن يشرح على كل معاملة ترد اليه بما يلزم ويتخذ كافة صلاحياته في هذا الاجراء وما على الموظف المحالة اليه المعاملة الا تنفيذ اوامر مرؤوسة او مديره لان التوجيهات واضحة وصريحة ولا تحتاج الى اجتهاد كما انه يتحمل المسؤولية ويملك الشجاعة في حماية موظفيه والدفاع عن قراراته وتوجيهاته اذا دعت الحاجة لذلك. وهذا الصنف موجود الا انه قليل ونادر الوجود في هذا الزمن. اما الصنف المتوفر ولله الحمد فهو الصنف الثاني الصنف السلبي الذي يشرح على كل معاملة ترد اليه بعبارة واحدة وكليشة واحدة فقط لا غير وهي (لاتخاذ اللازم) ويضيف عليها كلمة واحدة لزيادة تعقيد الامور وهي (وحسب النظام) وهذا الصنف المتوافر كما وكيفا يجعل موظفيه في حيرة من امرهم فاذا اتخذوا اللازم وجاءت اية مساءلة او محاسبة تهرب المدير ووضع الملامة على الموظف الذي لم يفهم ما هو اللازم واحتمى المدير بكلمة النظام لانها مطاطة وتستطيع ان تبدأ فيها السباحة من جدول مائي صغير وتنتهي بك هذه الكلمة في احد المحيطات اما الهادي او الاطلنطي، وسعادة المدير يتفرج على زوارق الموظفين ومراكبهم الشراعية وهي تغرق واحدة تلو الاخرى في بحر النظام وهو في بر الامان يتابع نتائج فشله وجهله هو بالنظام لان النظام يلزم اي مدير ان يكون مع موظفيه واضحا وصريحا ويجب ان يتحلى بالشجاعة في قراراته حتى لا يورط الاخرين ويأخذ دور المتفرج وانا ومن ورائي الطوفان والمدير الذي يشرح على كل معاملة لاتخاذ اللازم لا يحتاج وجوده على رأس العمل فالسكرتير اذا لزم الامر يستطيع ان يكون لديه (كليشة) مكتوب عليها اتخاذ اللازم وحسب النظام وما عليه الا طباعة هذه الكلمة على كل معاملة ومن ثم احالتها الى الجهات المختصة. فهذه كلمة لا تحتاج الى اجتهاد ولا تصدر الا من مسؤول لا يفهم اصول العمل الاداري ويجب على ديوان المراقبة مراجعة توجيهات المديرين وتقييمها فاذا وجد مثل هذا المدير المعروف في قراراته "باتخاذ اللازم" في كل واردة وصادرة من مكتبه دون الشرح على المعاملات شرحا نظاميا وقانونيا وواضحا فيجب ان يفهم هذا المدير ان عمله مبتور وناقص وان يعطى التوجيه بتطوير قدراته الادارية او ارساله الى معهد الادارة لتنمية وزيادة قدراته في دورات مكثفة وهذه الدورات سوف تعود بالنفع على خدمة الوطن ومواطنيه وفي أسوأ حال سوف تنقذ هذه الدورات موظفي الدولة من جهل كثير من المسؤولين الذين لا يعرفون من الادارة الا كلمة واحدة فقط وهي "اتخاذ اللازم" ولقد كنت في الايام الماضية في زيارة احد المديرين زيارة ودية ومجاملة واذا بالمدير او الرئيس يستدعي مدير مكتبه ويسأله عن موضوع معاملة في غاية الاهمية وتحتاج هذه المعاملة الى توجيهات صريحة غير قابلة للتأويل او الاحتمالات فرد عليه مدير مكتب: لم نفعل شيئا فنحن ننتظر توجيهاتكم فرد عليه المدير بغضب وانفعال على تأخير المعاملة وعدم الرد عليها. وطلب من مدير المكتب احضار ورقة وقلم ليدون التوجيهات وارجوكم ان تتابعوا التوجيهات كما تابعتها لانها في غاية الاهمية والتوجيهات هي كالتالي.. اكتب ردا..؟ بالاشارة الى المعاملة كذا وكذا وكذا.. فقد اطلعنا عليها ونرى ان يتخذ كذا وكذا وكذا.. مع الأخذ في الاعتبار كذا وكذا وكذا. ولا مانع من التجاوز عن كذا وكذا وكذا وذلك للمصلحة العامة. انتهت التوجيهات وخرج مدير المكتب بحصيلة مجملها كذا وكذا وكذا فهل مفهوم العمل الاداري مازال كذا وكذا وكذا؟؟ ولاسيما اننا نعيش عصر الحكومة الالكترونية والتي مازلنا متأخرين عن دول الجوار التي سبقتنا بآلاف الاميال. ونحن مازلنا في اول سلم الحكومة الالكترونية واحسن مانملك في هذا المجال التصريحات الرنانه. @@ عبدالله محمد الغامدي