في كل عام تتعالى أصوات مطالبة بوقف الدراسة في رمضان على اعتبار أن رمضان شهر عبادة وأن الأولى أن يتفرغ الناس للطاعة بدل إضاعة الأوقات مع الأولاد في الدرس خصوصا وأن الاستيعاب لما يلقى على مسامعهم أمر - كما يقال - مجزوم بعدمه !. من يسمع هذا الكلام يظن أن أوقاتنا عامرة بالطاعات لاوقت فيها لدينا لهزل أو لعب ! ، ولا وقت لدينا لقضائه في متابعة برامج تافهة تحط من قيمة المرء ، كما لا وقت لأغلبيتنا لمشاهدة مباريات لم تتوقف حتى مع الشهر الفضيل ، وكأن الوقت المهدر في متابعة تلك البرامج محسوب في موازين أعمالنا على حين أن إضاعة الوقت في تعليم الأبناء لا يجوز عند البعض , وأنه ينبغي على من سن الدراسة في رمضان ان يلغيها. فليس الجوع ولا العطش هو الذي جعل من أبنائنا فاقدي الرغبة في التحصيل العلمي في رمضان ! ، فما تستقبله بطوننا وبطونهم - بحمد الله - في يوم واحد فقط ! كفيل بأن يجعلنا نحتمل الصيام أياما متواصلة لا ساعات معدودة ، كما تكفينا تلك الكميات لجعل أدمغتنا تعمل لساعات طويلة بذات الكفاءة السابقة إن لم تكن أعلى . مشكلة أبنائنا الأساس بل ولا مشكلة غيرها - هي نفس المشكلة التي يعانيها موظفونا - ألا وهي النوم الكافي . حياة الأغلبية لدينا في رمضان فوضى عارمة صادمنا فيها السنن الكونية فالليل نهار كله والنهار نوم جله ، لم تبلغ طاعاتنا في رمضان كما ينقل عن بعض سلف الأمة حتى نقول لمن لم يستطع أن يفتح عينيه من الموظفين أنه معذور ، فحظ أغلبنا من القيام كما هو معلوم لايتجاوز عشر وقت الليل ! ، وباقيه لدى السواد الأعظم منا - إلا من رحم الله وقليل ماهم ! - مهدر كما أسلفنا في ما لاطائل من ورائه. لو أننا نظمنا أوقاتنا وأعطينا أبداننا حظها من الراحة في الليل بعد أن تأخذ حظها في الطاعة بما لايؤثر في واجب! ، لاستطعنا أن نمارس حياتنا بصورة مرضية ولاستطاع أبناؤنا أن يستثمروا وقت الصيام في التحصيل الأمثل فلا وقت مهدر في شراب ولا طعام والعقل صاف ومنصرف بكليته الى أمور العلم والمعرفة . أظن أنه حان الوقت للنظر بجدية في أمر تقديم وقت الدوام الرسمي للموظفين على أن يبدأ الساعة السابعة - واليوم المدرسي قبيله بساعة - وينتهي في تمام الثانية عشرة ظهرا . إننا نحقق بذلك أمورا منها : اضطرار الموظف للنوم ليلا وهذا يستتبع أن يكون الأبناء على نفس المنوال ، لنكسب نهارا موظفا نشيطا في عمله وطلبة للدرس منتبهين . ثانيا : ساعات العمل تكون في الواقع أكثر مما لو كان الأمر كما هو عليه الآن من بداية الدوام الساعة العاشرة صباحا ، حيث عمل متواصل بلا انقطاع يحقق مزيدا من الانتاجية خصوصا وأنه يبدأ في فترة أعلى النشاط البدني والذهني "الصباح الباكر" وينتهي في بداية الخمول عند الظهيرة . ثالثا : يستطيع الموظف والطالب أن يأخذا قسطا من الراحة فترة الظهيرة وهي فترة الراحة الطبيعية ، مما يعينهما على القيام أول الليل براحة ويسر.