يحذر العديد من الخبراء من ان قطاع غزة سيواجه مستقبلا قاتما اذا لم يتمكن الفلسطينيون من تسوية نزاعاتهم الداخلية بعد انقطاعهم اقتصاديا بشكل كامل عن الدولة العبرية فور انسحابها المتوقع مع مستوطنيها الثمانية الاف من هذا القطاع في العام 2005. وكانت اسرائيل اجتاحت القطاع الذي يعتبر بين اكثر المناطق في العالم اكتظاظا بالسكان واحتلته مع الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان السوري بعد حرب يونيو 1967. واستنادا الى ارقام البنك الدولي فان 70 في المئة من فلسطينيي غزة البالغ عددهم مليون و 300 الف نسمة يعيشون تحت مستوى الفقر فيما تطال البطالة 44 في المئة من القادرين على العمل في هذا القطاع حيث يمثل الشبان دون الثامنة عشرة نسبة 60 في المئة من اجمالي السكان. والى الازمة الاقتصادية المتصاعدة تعاني المنطقة من عمليات الاغلاق التي يفرضها الجيش الاسرائيلي وكذلك من عمليات التوغل التي تقوم بها القوات الاسرائيلية بشكل متكرر والمواجهات بين الفصائل الفلسطينية نفسها. ويشير تقرير للبنك الدولي الى ان الاقتصاد الفلسطيني يتراجع بشكل خطير قياسا على مستوياته السابقة قبل اندلاع الانتفاضة التي دخلت في سبتمبر الماضي عامها الخامس. واوضح التقرير ان اجمالي الناتج الداخلي يقل حاليا بمعدل 23 في المئة عما كان عليه عام 1999، واذا ما اخذنا النمو السكاني في الاعتبار فان التراجع يكون عمليا بنسبة 35 في المئة عما كان عليه قبل الانتفاضة. ويضيف التقرير ايضا ان معدل البطالة الذي سجل عام 2003 وبلغ 25 في المئة قياسا على معدل العشرة في المئة عشية الانتفاضة، يبين الى اي حد يعمل الاقتصاد الفلسطيني دون قدرته. ويشدد التقرير على ان الشبان هم الاكثر تعرضا بصورة خاصة للبطالة التي بلغت 37 في المئة نهاية 2003 مقابل 14 في المئة قبيل الانتفاضة في سبتمبر 2000. ويقول مدير برنامج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) المحلي لينونيل بريسون لوكالة فرانس برس ان الاستقرار والوصول الى الاسواق العالمية هما مفتاحا النجاح مستقبلا في غزة. وتقدم الوكالة مساعدات لحوالي 635 الف فلسطيني في القطاع. ويرى بريسون ايضا ان نقل المستوطنات الاسرائيلية الاحدى والعشرين الى الفلسطينيين لن يوفر نهوضا اقتصاديا للقطاع. ويؤكد ان الحل الوحيد الذي يتيح تنمية المنطقة هو اعادة ربط المنطقة بالاقتصاد الاسرائيلي. من جهته يرى مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في غزة راجي الصوراني ان خطة فك الارتباط من جانب واحد التي يعمل على تنفيذها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لا تستهدف وضع حد للاحتلال وانما الابقاء على انتهاكات حقوق الانسان ويضيف ان العمال الفلسطينيين بمقتضى هذه الخطة لن يتمكنوا من الوصول الى اسرائيل ولن يكون هناك استيراد او تصدير عبر المرافئ الاسرائيلية او اي رابط بري يربط غزةبالضفة الغربية عبر الاراضي الاسرائيلية. ويقول الصوراني ان قطاع غزة المعزول عن اسرائيل سيعتمد كليا على مصر ما يعني تصاعد البطالة وتزايد الفقر. يشار الى ان حوالي مئة الف فلسطيني من قطاع غزة كانوا قبل الانتفاضة يعملون بموجب تراخيص في اسرائيل اضافة الى عشرات الآلاف ممن كانوا يعملون سرا. وقد عمدت السلطات الاسرائيلية في الآونة الاخيرة وبعد سلسلة عمليات انتحارية في المنطقة الصناعية الى اغلاق معبر ايريز في شمال قطاع غزة وانضم آلاف الفلسطينيين الذين كانوا يعملون في هذه المنطقة الى افواج العاطلين عن العمل. الحصار الاسرائيلي ارهق اقتصاد غزة