رغم المؤشرات الايجابية إلى نمو الاقتصاد الالماني منذ مطلع العام الحالي تمضي مؤشرات البطالة في اتجاه سلبي حيث فشل هذا الانتعاش الاقتصادي في كبح جماح البطالة حتى الان. وكشفت بيانات البطالة التي صدرت في ألمانيا استمرار معدل البطالة خلال سبتمبر الماضي فوق مستوى العشرة في المئة من إجمالي عدد القادرين على العمل. ورغم تراجع معدل البطالة في سبتمبر الماضي إلى 3ر10 في المئة مقابل 5ر10 في المئة في أغسطس الماضي ارتفع عدد العاطلين الشهر الماضي بعد حساب العوامل الموسمية بمقدار 27 ألف عاطل عن آب/أغسطس ليرتفع عدد العاطلين بمقدار 177 ألف عاطل منذ مطلع العام الحالي. وارتفع عدد العاطلين الشهر الماضي بما يزيد على مثلي توقعات المحللين الذين كانوا يتوقعون ارتفاع عدد العاطلين في سبتمبر الماضي بمقدار عشرة آلاف عامل فقط. جاء ارتفاع عدد العاطلين في ألمانيا رغم بدء تطبيق إصلاحات حكومة المستشار جيرهارد شرودر التي تهدف إلى زيادة مرونة سوق العمل وإجبار العاطلين على العودة إلى العمل بدلا من الاعتماد على إعانات البطالة. وقال فرانك يورجن فايسه رئيس وكالة العمل الاتحادية الالمانية أثناء إعلان بيانات سوق العمل في ألمانيا خلال سبتمبر: النمو الاقتصادي في ألمانيا مازال إيجابيا لكن سوق العمل لا يظهر أي مؤشر على التحسن. والواقع أن نمو الاقتصاد الالماني خلال العام الحالي لن يصل إلى اثنين في المئة وهو المعدل المطلوب من وجهة نظر كثيرين من المحللين لتوفير فرص عمل جديدة. وتزامن صدور بيانات البطالة في ألمانيا مع تزايد تهديدات الشركات الالمانية الكبرى بتسريح مزيد من العمال في إطار محاولاتها لخفض النفقات. وفي حين أن بعض شركات صناعة السيارات التي تمثل أهم الصناعات الالمانية تبحث حاليا تعيين عاملين جدد فإن الوظائف الجديدة لن تكفي لتعويض الخفض المنتظر للوظائف في القطاعات الاخرى. وتخوض النقابات العمالية الالمانية حاليا مفاوضات شاقة مع شركات كبرى مثل شركة دويتشه بان للسكك الحديدة وكارشتات لمتاجر التجزئة وفولكس فاجن لصناعة السيارات بشأن خطط هذه الشركات لتخفيض أعداد العاملين بها. وتأتي هذه المحادثات في أعقاب موجة هجرة مصانع الشركات الالمانية إلى دول أخرى تتوفر فيها عمالة رخيصة في أوروبا الوسطى وأجزاء من آسيا وخاصة الصين. في الوقت نفسه يلقي ارتفاع معدل البطالة في ألمانيا ظلالا ثقيلة على ثقة المستهلكين الالمان الامر الذي يؤدي إلى انكماش الانفاق الاستهلاكي والاقتصاد المحلي الذي يمثل الجزء الاكبر من إجمالي الناتج المحلي. وبالتالي يعرقل انكماش الانفاق الاستهلاكي الانتعاش الطفيف للاقتصاد الالماني الذي يعتمد حاليا على التصدير. ورغم تراجع عدد العاطلين في ألمانيا خلال سبتمبر الماضي قبل حساب العوامل الموسمية بمقدار 9ر98 ألف عاطل عن الشهر الماضي إلى 257ر4 مليون عاطل فإن هذا العدد يزيد بمقدار 9ر48 الف عاطل عن الشهر نفسه من العام الماضي. وفي حين بلغ معدل البطالة في الشطر الغربي من ألمانيا الشهر الماضي 8ر2 في المئة فإنه بلغ في الشطر الشرقي الاشد معاناة من البطالة 18 في المئة أي مثلي المعدل في الشطر الشرقي تقريبا. وأرجعت وكالة العمل الاتحادية تراجع عدد العاطلين الشهر الماضي قبل حساب العوامل الموسمية إلى أن فصل الخريف يشهد عادة انتعاشا في سوق العمل. ويستبعد أغلب المحللين حدوث تحسن ملموس في سوق العمل الالماني قبل العام المقبل. تقول آن ماريه كريستيان خبيرة الاقتصاديات الاوروبية في بنك مورجان ستانلي الامريكي: رغم أننا لا نرى تحسنا في سوق العمل فعلى الاقل نشهد استقرارا فيه.