نتيجة للتنمية الشاملة التي تحققت في المملكة بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بجهودالدولة - رعاها الله - تزداد الحاجة للماء، ومع النمو السكاني والتوسع العمراني المطرد وما يقابل ذلك من شح في الموارد المائية المتاحة تكون الحاجة أكثر لإيجاد مصادر مائية متعددة، وبالتالي بذل الكثير من الأموال والجهود لتنفيذ هذه المشاريع في مختلف المناطق، ليس هذا فحسب، بل وانشاء ما تتطلبه تلك المشاريع من محطات للتنقية وشبكات نقل وتوزيع. وقد حرصت الدولة، - وفقها الله - على توفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين في كافة مناطق المملكة ووضعت ذلك على رأس اهتماماتها من خلال الخطط والبرامج والمشاريع التي تحظى باهتمام ودعم ولاة الأمر - حفظهم الله - وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام، وإنطلاقا من هذا الحرص يؤكد صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، حفظه الله، في كل مناسبة ولقاء على اهتمام الدولة بتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين، كما أكد سموه الكريم في كلمته السامية الكريمة التي دشن بها هذه الحملة على المسؤولية الشرعية والإجتماعية والأخلاقية والنظامية تجاه المحافظة على هذه النعمة الجليلة وضرورة التعاون من قبل الجميع لتخفيض وترشيد الاستهلاك. إن ترشيد استهلاك المياه مطلب ضروري في ضوء تعليمات شريعتنا الإسلامية السمحة، لاسيما في ظروف بيئية ومناخية لبلاد كبلادنا، تشح فيها الأمطار، وتغيب عن أراضيها الأنهار والمياه العذبة الطبيعية، لذا سعت الدولة جاهدة إلى خيار تحلية المياه المالحة، وأصبحت ولله الحمد والمنة في مقدمة دول العالم إنتاجا لهذه النوعية من المياه والتي لاشك تكلف مبالغ طائلة وجهودا مضنية في سبيل توفيرها. وانطلاقا من ذلك تتبنى وزارة المياه والكهرباء الحملة الوطنية لترشيد استهلاك المياه بمشاركة القطاع الخاص للرفع من درجة الوعي لدى الجميع والذي لا أشك ان الغالبية على وعي بأهميته، لكنهم بحاجة إلى التذكير به والدعوة إليه من خلال مختلف الوسائل والقنوات، ومن قبل أرباب القلم والفكر والثقافة والمسئولية. إن هذه الحملة الوطنية لترشيد استهلاك المياه والتي ستنطلق فعاليتها اليوم السبت الثامن عشر من شهرنا هذا (شعبان عام 1425ه) تحت شعار (القرار بيدك) ستأخذ بتوفيق الله أبعادا مختلفة من حيث المواجهة والوضوح والقوة في طرح المشكلة، لإشراك المواطن في اتخاذ القرار، بحيث تستهدف جميع شرائح المجتمع، بحيث تقوم الوزارة من خلال هذه الحملة بتطبيق حلول عملية في ترشيد استهلاك الماء من خلال توزيع نحو (3.4) مليون حقيبة ترشيد على مستوى المملكة تحتوي على أكثر من (14.3) مليون كيس إزاحة لاستخدامها في صناديق الطرد، بالإضافة إلى مرشدات مياه لدورات المياه يبلغ عددها (16.3) مليون، ومرشدات مياه للمطابخ عددها (3.4) مليون مرشد، وذلك من أجل أن تساهم أدوات الترشيد في توفير ما مقداره (30%) من استهلاك المياه في تلك المنازل يوميا، وستقوم أيضا بتوزيع (28.7) مليون من الأقراص الملونة لكشف التسربات في صناديق الطرد في المنازل. وإنطلاقا من إيمان المسئولين بهذه الوزارة، فقد بدأت فعاليات هذه الحملة بالوزارة حيث تم استخدام أدوات الترشيد في كافة مكاتب الوزارة ومرافقها وأثبتت التجربة نجاحها بتخفيض الاستهلاك إلى ما يقارب (40%)، كما يجري حاليا وضع خطة متكاملة لاستخدام أدوات الترشيد في الدوائر والمنشآت الحكومية على مستوى المملكة. وبهذه المناسبة يطيب لي أن أؤكد على أن الوزارة تدعم كافة الجهود الرامية إلى تحقيق التوازن بين الموارد المتوافرة للمياه في المملكة والاستهلاك الضروري، وتدعم أيضا إدارة الطلب على المياه بفعالية وهو الجانب الذي لم يأخذ حقه من الاهتمام، ويشمل تخفيض نسبة التسربات في الشبكات، ورفع مستوى خدمات العملاء، ورفع نسبة التحصيل وترشيد الاستهلاك، وذلك لأهمية الأمن المائي إذ يعد من التحديات الكبيرة التي يجب أن نعمل معا على مواجهتها من أجل تأمين أمن مائي للأجيال القادمة، وندعو بذلك جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وما تستقطبه من علماء ومفكرين وكتاب وصحفيين ورياضيين إلى دعم الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الماء لتحقيق الغاية المرجوة منها والوصول إلى درجة عالية من الوعي بوضعنا المائي وأهمية ترشيد استخدامه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.