ان قيام الإدارة الأمريكية باحتجاز الأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب دون محاكمة ودون توفير معلومات عن أماكن احتجازهم أو الطرق التي تجرى بها معاملتهم يثير الكثير من النقد والاعتراض. المثير للسخرية أن تقوم إدارة الرئيس بوش- في حربها على الإرهاب- بارتكاب تلك الأفعال والممارسات غير الأخلاقية وغير الإنسانية ، وهي الممارسات نفسها التي ظلت الولاياتالمتحدة لعقود طويلة تشجب وتدين ارتكاب أنظمة ديكتاتورية لها. إنه بينما انشغل الرأي العام الأمريكي والعالمي بمتابعة التقرير النهائي للجنة التحقيق في أحداث سبتمبر ، صدر تقرير المفتش العام العسكري الخاص بالتحقيق في قضية تعذيب المعتقلين والذي على الرغم من تأكيده ل 94 حالة تعذيب منها 20 حالة وفاة، خلص إلى أن جرائم التعذيب في سجن أبو غريب في العراق لم يكن نتاج سياسة عسكرية للجيش ولا خطأ لكبار القادة العسكريين وإنما تصرفات فردية محظورة. ان ما تتضمنه تقارير الصليب الأحمر الدولي عن احتجاز الولاياتالمتحدة عددا كبيرا من الأشخاص، وترجيحها احتفاظ وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. إيه) بهم في أماكن سرية خارج حدودها خلافا لمواثيق جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب لم تسمح وكالة الاستخبارات بزيارة الصليب الأحمر لمعتقليها. كما أن عددا من التقارير يؤكد استخدام الوكالة وسائل التعذيب في استجواب المعتقلين في مخالفة صريحة للقوانين الدولية والدستور الأمريكي مما حدا بجماعات مثل "هيومان رايتس واتش أو جماعة مراقبة حقوق الإنسان" لاعتبارها ممارسات غير مسبوقة في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية. ونشدد على عدم مشروعية استثناء البيت الأبيض معتقلي وكالة المخابرات المركزية للمحاكمة أو المراجعة مثل تلك التي أجريت على معتقلي خليج جوانتانامو بكوبا بالإضافة إلى عدم إفصاحه عن الوسائل التي اقر استخدام الوكالة لها لاستجواب المعتقلين. ونشير الى أنه على الرغم من أن استقصاء وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون والكونجرس للحقائق في تلك المسألة كان بطيئا وغير دقيق إلا انه يوازن بشكل ما الغياب المطلق للرقابة على عمل الوكالة. المهم أن التقرير بترويجه لاستراتيجية التكتم على الحقائق ثم حصر اللوم في زمرة ضئيلة حماية لكبار رجال الجيش انما يوجه رسالة واضحة للكونجرس مفادها انه لا يمكن الاعتماد على وزارة الدفاع البنتاجون في اجراء التحقيقات بشأن تعذيب المعتقلين، بالإضافة الى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تتبع سلطة خارجية لاجراء تحقيقات عادلة في هذا الموضوع. وهنا يجب الاشادة بالسناتور جون وارنر ممثل ولاية فيرجينيا و رئيس لجنة الشئون العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ لقيام اللجنة بالانعقاد على وجه السرعة لبحث التقرير، وما نتج عن هذا الانعقاد من تصريحات لاعضاء من الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي شككت في مصداقيته. الواضح على عدم مصداقية التقرير وضرورة تضافر الجهود من أجل استعادة نزاهة وسمعة الجيش. ونؤكد على أهمية وضوح الرؤية وإبراز الحقائق في مسألة معاملة المعتقلين، ونحذر من أن الولاياتالمتحدة في حربها على الإرهاب لا يمكنها أن تحتجز معتقليها إلى الأبد في سجون سرية بلا محاكمة أو رؤية إنسانية من أي نوع. ونحث الكونجرس والمحاكم الأمريكية على النهوض بمهامها لتصحيح أوضاع وصفتها بأنها تعد مخالفة صريحة للقانون الدولي والأسس التي تقوم عليها القيم الأمريكية.