لقد بلور ابو بكر الرازي لطلابه وللباحثين ان اهم خطوة لتحضير المواد المختلفة في مجال علم الكيمياء هي التجربة العلمية في المختبر المعد لذلك, ولكنه كرر ان المعرفة النظرية الدقيقة يجب ان تكون عند الباحث قبل قيامه بالتجربة العلمية. وبهذا المنهج الواضح خلف ابو بكر الرازي للاجيال عبر التاريخ قواعد علمية بالغة الروعة والاهمية. ولاشك ان عمل الرازي الدؤوب في كل من الطب والكيمياء جعله يحتفظ بمكانة علمية مرموقة عبر العصور. يقول فاضل احمد الطائي في كتابه اعلام العرب في الكيمياء : يعتبر الرازي اول من استخدم الفحم الحيواني في قصر الالوان, ولايزال هذا النوع من الفحم مستعملا في ازالة الالوان, والروائح من المواد العضوية. والرازي اول من ميز بين الصودا والبوتاس, اي بين كربونات الصوديوم وكربونات البوتاسيوم رغم تشابههما الكبير في خواصهما الطبيعية والكيمياوية, كما وصف أوكسيد الزرنيخور وصفا دقيقا, وحضر الجبس (plaster of paris ) من حرق كبريتات الكالسيوم المائية, واستخدامه في تجبير العظام بعد مزجه بالبيض, ووصف الانتمون بانه مادة صلبة سوداء. وذكر بان النحاس يتحول الى كاريوناته القاعدية الخضراء عند تعرضه للهواء الرطب في درجات الحرارة الاعتيادية, ولكنه اذا ما سخن تسخينا شديدا تحول الى مادة سوداء (اوكسيد النكاسيك). لقد اهتم ابو بكر الرازي اهتماما كبيرا بالجانب النظري للمواد قبل القيام في التجارب العلمية المخبرية, ولكنه لم يركز على الظاهرة الرمزية التي سيطرت على الكيمياء القديمة عند اليونان. ويعد الرازي اول طبيب استعمل معلوماته الكيميائية في ميدان الطب. ويدعي الرازي ان شفاء المريض بفعل الادوية التي يصفها الطبيب هو نتيجة لاثارة تفاعل كيميائي في جسم المريض, وهذا يدل على ان ابا بكر الرازي من المؤسسين لعلم الصيدلة. وواضح ان ابا بكر الرازي سلك مسلكا علميا خالصا في جميع انتاجه في ميدان علم الكيمياء. ولاشك ان عبقريته العلمية هي التي مكنته ان يتبوأ مقاما رفيعا جدا بين الاطباء والكيميائيين. مما حدا بعلماء الشرق والغرب ان يكنوه بابي الكيمياء التطبيقية. يقول ف. شيردود تيلر في كتابه الخيمياء اساس لعلم الكيمياء : الرازي من العلماء في العالم الذين لهم دور كبير في علم الخيمياء. وقد قال ابو بكر الرازي في عدة مناسبات ان الانسان لايستحق لقب فيلسوف الا اذا كان معلما في علم الكيمياء النظرية والتطبيقية. وكان ابو بكر الرازي يحب التجارب العلمية, لذا قام ببعض التجارب على الحيوان كالقرود, فيعطي الحيوان الدواء الذي حضره بنفسه ويلاحظ تأثيره فيه, فان نجح طبق تجربته الجريئة على الانسان. وجدير بالذكر ان الطبيب الحديث (طبيب القرن الحادي والعشرين الميلادي) يدرك اهمية بل ضرورة اجراء التجارب العلمية على الحيوانات قبل تطبيقها على البشر. ويرجع اهتمام ابي بكر الرازي بعلم الكيمياء الى كونه العلم الذي يمكن بواسطته الحصول على معلومات (حقائق) من التجارب التي يجريها, ثم يستنتج منها القانون, او يفترض قانونا ثم يحققه بالتجارب العلمية المخبرية.