أداء الحكومات الإسرائيلية منذ العام 1992 يثيرالانزعاج. السبب أن نمطين من السياسة يمكن أن يفسرا ورطة إسرائيل الآن: النمط الأول يتمثل في أن كل رئيس وزراء منتخب ينكث بتعهداته في كيفية التعامل مع العرب. وأما النمط الثاني فهو أن كلا منهم يتبنى نهجا غير متوقع في التنازل. مظاهر هذا التأرجح من خلال الإشارة إلى مواقف رؤساء الحكومات المختلفة، فإيهود باراك، الذي قد وعد ناخبيه عام 1999 بقدس موحدة تحت الحكم الإسرائيلي للأبد، تراجع عن موقفه في يوليو 2000 في قمة كامب ديفيد عارضا منح السلطة الفلسطينية مساحة كبيرة من القدسالشرقية. حتى شارون، الذي حقق نصرا ساحقا في انتخابات 2003 على منافسه العمالي عمران ميتسناع ، والذي كان يعتبر دعوة متسناع لإخلاء المستوطنات في غزة خطرا يجعل مراكز الإرهاب أكثر قربا من إسرائيل، تبنى نفس موقف ميتسناع فيما يتعلق بالانسحاب من غزة.و في معرض إجابته عن تساؤل يتعلق بالأسباب التي تدفع رؤساء الحكومات الإسرائيلية للتراجع عما قطعوه من وعود، أن ظروف التحالفات والانتخابات هي جزء فقط من الحقيقة. ومن وجهة نظرى فإن السبب الرئيسي للسياسة الفضفاضة التي يتبعها رؤساء حكومات إسرائيل تجاه الفلسطينيين يرجع إلى ميل هؤلاء السياسيين إلى البحث عن المجد وحب الذات. شأنهم في ذلك شأن ملوك ورؤساء فرنسا الذين شيدوا المشروعات المعمارية العظيمة في باريس لتخليد ذكراهم في التاريخ. فرؤساء حكومات إسرائيل منذ العام 1992 يحلمون بإنجاز مشروع دبلوماسي عظيم. النتيجة أن هذا السلوك غير ديموقراطي يخدع الناخبين ويؤدي إلى تآكل إسرائيل. وأن هذا التوجه السلبي سوف يستمر حتى ينتخب الإسرائيليون رئيس وزراء متواضع لا يسعى إلى المجد الشخصي.