جلس كامل قدير الذي دمر هجوم بغاز سام رئتيه قبل 16 عاما يحدق باستغراق شديد في شاشة التلفزيون والرئيس العراقي المخلوع صدام حسين يمثل امام قاض في الجلسة الاولى من محاكمته بشأن هذه الجريمة وفظائع اخرى وقعت خلال حكم حزب البعث على مدى 35 عاما. وكان سن قدير 15 عاما عندما سقطت قنابل كيماوية على بلدته الكردية هذه قرب الحدود مع ايران عام 1988 مما قضى على عائلته جميعها وتركه مصابا بحروق شديدة ومشاكل في التنفس. ومازال الرجل يتلقى علاجا يوميا ويعاني متاعب صحية بسبب الهجوم الذي ادى الى مقتل اكثر من خمسة الاف شخص. وابتسم قدير بمرارة وهو يتابع عراقيين من تكريت مسقط رأس صدام حسين وهم يتحدثون لاحدى المحطات التلفزيونية العربية عن عدم شرعية المحاكمة التي بدأت يوم الخميس باطلاع الرئيس المخلوع على التهم الموجهة اليه. وقال: انهم لا يعرفون المشاكل الحقيقية التي اعاني منها الان. لم اعد اجد اي متعة في الحياة بسبب رئتي. ويقول انه شعر ببعض الرضا وهو يرى صدام ماثلا امام قاض عراقي. ومثل كثير من العراقيين في حلبجة فانه غير مقتنع بان اي محاكمة ستطبق العدالة الحقيقية.وقال اولئك الذين يدافعون عن صدام لا يعرفونه ولا اولئك الذين يحاكمونه ايضا. ومضى يقول: قتل صدام ما يصل الى خمسة الاف شخص هنا دون اي محاكمة والان يتحدث الناس عن توفير العدالة له. أين كانت العدالة بالنسبة للشركات الاجنبية التي زودته بالمواد الخام لانتاج اسلحة كيماوية او السياسيين الغربيين الذين ساندوه. ونفى صدام مسؤوليته عن هجوم حلبجة خلال الجلسة الاولى من المحاكمة ضمن تهم قد تؤدي لاتهامه رسميا بالابادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وقال صدام للقاضي نعم سمعت عن ذلك من الاذاعات. ويشعر سكان حلبجة بالقلق من احتمال افلات صدام من عقوبة الاعدام وهي العقوبة التي يراها كثيرون غير كافية. وقال ابراهيم الحوراماني مدير مركز النصب التذكاري الذي اقيم في حلبجة عام 2003 للتذكير بضحايا الهجوم بالغاز لا اعتقد ان صدام سيعدم لكن الناس في حلبجة يريدون تمزيقه اربا. ويضم المركز معرضا لصور مروعة التقطت في اعقاب الكارثة وتظهر فيها الاشلاء وقد تناثرت في الشوارع واغلبها لنساء واطفال. وقال الحوراماني انه تم تحديد اكثر من 200 شركة اجنبية قدمت المواد الخام للاسلحة الكيماوية التي استخدمها صدام. وقال انه يتعين محاكمة القائمين على هذه الشركات وكل من شارك في الجرائم التي ارتكبها النظام المخلوع. وتابع لقد جلبت امريكا صدام وقدمت له المال وساندته ضد ايران /في حرب 1980-1988/ ثم استخدموا حزب البعث كسلاح... ليس لهم اي مبرر. وادلى اكثر من سبعة الاف شاهد عيان في حلبجة باقوالهم وهم يأملون في ان تساعد على ادانة صدام.وجمعت الشهادات رابطة مكافحة الاسلحة الكيماوية التي تدعم عائلات الضحايا وتوثق الادلة. وقال عراس اكرام عضو الرابطة الذي فقد والديه وعشرة من اقاربه في الهجوم اننا قلقون من احتمال عدم الحكم على صدام بالاعدام. وقال اكرام ان كثيرين من الناجين مازالوا يعانون من العمى ومشاكل في التنفس وثمة معدلات مرتفعة من الاصابة بسرطان القولون والعقم بين الرجال. واضاف اننا نحاول جذب الانتباه الى هذه المشكلات لكن حتى الان لم يعمل اطباء متخصصون في المنطقة. وسرت موجة من البهجة في شوارع حلبجة اثناء جلسة محاكمة صدام للوضع المزري الذي بدا فيه الا ان السكان قلقون من احتمال عدم الحكم عليه بالعقوبة التي يستحقها من وجهة نظرهم. قال قدير احمد الذي يعمل في النصب التذكاري اننا خائفون للغاية من انه لن يواجه العدالة الحقيقية. لكن عندما رأيناه مكسورا اشعرنا ذلك بارتياح شديد. لابد من اعدامه. النجار بتيال هازار /40 عاما/ الذي فقد شقيقه العام الماضي بسبب مرض ناجم عن القنبلة الكيماوية اعرب عن تأييد نادر للمحاكمة. وقال كانت امنية الشعب الكردي كله مشاهدة صدام ماثلا امام قاض.