نشرت مجلة الأهرام العربي في عددها بتاريخ السبت 29 مايو 2004، ملفا بعنوان: (الزعيم الكوني .. يقرأ في الكتاب الأبيض) تضمن عددا من القضايا المتعلقة بما جرى في قمة تونس، التي انسحب منها العقيد معمر القذافي. وتناول الملف بالتقرير والتحليل والنقد مجموعة موضوعا منها: القذافي ينسف أفكاره القديمة القذافي .. والقمم العربية بعلم القذافي حضر اجتماعا عربيا إسرائيليا: سيف الإسلام عراب إسراطين الجديد !! القذافي وسيجارة القرف وتناول الملف الفرقعة التي حاول القذافي أن يصيب القمة بها، في محاولة للتأثير عليها، لكن المدهش أن القمة استمرت وفشل العقيد في أن يلفت الانتباه سوى في مؤتمر صحفي عقده بمقر السفارة الليبية بالعاصمة تونس، ليغادر بعدها. فعلي غير عادته نزل الزعيم الليبي معمر القذافي إلى مطار قرطاج الدولي في العاصمة التونسية قادما علي متن الخطوط الجوية الأفريقية (أحدث الشركات الليبية المتأفرقة ) حيث كان في السابق يروق له الطريق البري حيث الجماهير المحتشدة . كان العقيد القذافي آخر زعماء العرب ، المشاركين في أعمال القمة العربية السادسة عشرة ، بعد وساطات مكثفة من قادة كل من مصر والجزائر وتونس البلد المضيف . وما ان ظهر القذافي في صحبة الرئيس التونسي حتي بدأ الكثيرون يترقبون مفاجأة القذافي التي تعودها الشارع العربي من القذافي في القمة العربية . ولم يطل انتظار الشارع العربي كثيرا ، فلم تكد تمر خمسون دقيقة منذ بدء أعمال المؤتمر الذي كانت تنقل وقائعه على الهواء مباشرة ، وفي أثناء كلمة أمين عام الجامعة العربية كانت الكاميرا تنقل العقيد القذافي وهو يسحب نفسا عميقا من السيجارة الأمريكية الصنع ، مع أنه كان يرفض رفضا قاطعا التدخين في حضرته. وذكر أحد من تولوا مسئولية رئاسة ديوانه ، أن أحد أسباب طلبه إعفائه من رئاسة ديوان العقيد القذافي التدخين ، حيث إن صديقنا كان مدخنا شرها وما إن سحب نفسا ثانيا من السيجارة ، حتي هم واقفا وانسحب من قاعة الاجتماعات ، وسط لا مبالاة من قادة وزعماء ورؤساء الوفود العربية المشاركة ، وفضول رجل الشارع ورجال الصحافة، ثم توجه إلى الخيمة التي نصبت له في حديقة فيلا السفارة الليبية وهناك استبدل ملابسه الأفريقية بالملابس الإفرنجية المزدحمة بالنياشين وكانت الباصات التي تقل الصحافيين ومندوبي وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المرئي والمسموع قد وصلت إلي حيث يوجد القذافي وبدأت وقائع المؤتمر الصحفي الذي تناقلته وكالات الأنباء العربية والعالمية وكذلك وسائل الإعلام المرئية عدا وكالة الأنباء الليبية ووسائل الإعلام الليبية جميعها .وتوقع الكثيرون أن يفجر القذافي مفاجآته في المؤتمر الصحفي .واستهل القذافي أعمال المؤتمر بتكرار ما هو منشور في موقعه علي الإنترنت ما يراه الحل النهائي للقضية الفلسطينية عبر دولته المقترحة (إسراطين) ومع انتهاء عرضه قرأ علي الحضور من كتاب فاخر الطباعة سماه (الكتاب الأبيض) وهو غير (الكتاب الأخضر) حمل تصوره التفصيلي لدولة إسراطين التي يدعو لها !!!وبدأ المؤتمر بالفوضى التي تتسم بها المؤتمرات التي ينظمها مسئول الإعلام الخارجي منذ ما يقرب من عقد ونصف من الزمان ما حدا بالقذافي إلي الإعلان عن انه لا يريد تنظيم أسئلة للصحفيين وقال: السؤال اللي نسمعه نجاوب عليه.. وفي هذا المؤتمر، تجلت العديد من النكات البيضاء جدا.. ومنها: 1 ثار غاضبا في وجه إحدى الصحفيات عندما نادته بالأخ العقيد ، وقال لها: اسمعي أنا مش عقيد أنا قائد ثورة والعسكرية العربية أصبحت عارا. 2 ثار مرة أخرى عندما دعاه أحد الصحفيين بالسيد الرئيس حيث أشار إلى أن الشعب الليبي هو الذي يحكم و أضاف بغضب موجها كلامه للصحفيين "إنكم تجهلون نظام سلطة الشعب ، ولازم تفهموا السلطة الشعبية". 3 كعادته في استعراض معلوماته ، ذكر القذافي للصحافيين أن تمثال الحرية المقام في نيويورك حصلت عليه أمريكا هدية من ثوار فرنسا للشعب الأمريكي لدعم ثورتهم حينذاك مؤكدا أن الكثيرين لا يعرفون تلك المعلومة رغم أنهم يحرصون على التقاط الصور التذكارية بجوار ذلك التمثال. 4 أعلن الزعيم عن رغبته في حلف بين الثورة الليبية والثورة الأمريكية التي قادها جورج واشنطن !!! 5 عندما وجه إليه سؤال يتعلق بالعقوبات الأمريكية على سوريا رفض العقيد القذافي الإجابة وقال: ريحني ....؟! 6 لوحظ أن العقيد القذافي استخدم وللمرة الأولى في حواره مع الصحفيين اللغة الإنجليزية التي كان إلي وقت قريب يرفض حتي استخدامها في جوازات سفر الليبيين مما تسبب في الكثير من المشاكل للمواطنين الليبيين إذا ما أرادوا السفر لإحدي الدول الغربية ووصل الأمر إلي حد منعهم من الدخول إلى تلك البلاد حيث إنه كان يصعب على موظفي الجوازات في تلك البلدان التعرف إلى شخصياتهم، فاشترط القذافي في المقابل على المواطنين الغربيين استخدام اللغة العربية في جوازات سفرهم في حال قدومهم إلي ليبيا ، بل إنه في مرحلة سابقة ألغى وزير تعليمه وأحد المقربين إليه أحمد إبراهيم القذافي اللغة الإنجليزية من مناهج الطلاب في المدارس الليبية وعاد وتراجع عن ذلك القرار ولكن بعد أن حرم أكثر من دفعة من دراسة اللغة الإنجليزية والفرنسية على اعتبار أنها لغة المستعمر. 6 يؤكد أحد المقربين من الزعيم الليبي أنه لم يكن يتقن اللغة الإنجليزية إلا أنه تعلمها أخيرا تحسبا للتوجه الجديد ناحية الغرب بالإضافة إلى أن أغلب القادة الأفارقة لا يجيدون التحدث سوى بإحدى اللغتين الإنجليزية والفرنسية مما كان يسبب له بعض المشاكل في التفاهم معهم .