توفي الشاعر محمد الوديع الآسفي مساء يوم السبت الماضي عن عمر يناهز 81 سنة بعد معاناة طويلة مع المرض، وكان قد ادخل الشاعر مؤخرا احدى مصحات مدينة الدار البيضاء في حالة صحية حرجة حيث كان من المنتظر ان تجرى له عملية جراحية في القلب قبل الموت. وقد تابع الراحل الذي ازداد بمدينة آسفي عاصمة اقليم عبدة الفلاحي سنة 1923 دراساته الاولى في اطار التعليم الحر المرتبط بالحركة الوطنية على يد الشيخ محمد الكانوني بمدينة آسفي ثم على يد محمد المختار السوسي بمدينة مراكش. والتحق بجامعة القرويين في فاس، حيث حصل على الشهادة الثانوية سنة 1943. وعلى اثر حوادث فاس التي جرت غداة تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ألقي عليه القبض وحكم عليه بسنتين ثم منع من متابعة الدراسة والتحق بعد ذلك بمدرسة النهضة الاسلامية بمدينة مكناس كأستاذ بها. وبدأ محمد الوديع الآسفي النشر سنة 1942 في مجلة (الثقافة المغربية) التي كانت تصدر بالرباط في اوائل الاربعينيات تحت مسؤولية محمد غازي وذلك بظهور مقاله (شاعر العاطفة.. ابو القاسم الشابي). كما نشر مجموعة من القصائد والمقالات بمجلة (الاديب) وبالصحف المغربية (العلم) و(التحرير) و(المحرر) و(البلاغ) و(المغرب) و(الاتحاد الاشتراكي). وكان محمد الوديع الآسفي فضلا عن ذلك مديرا لجريدة (فلسطين) التي صدر منها 134 عددا خلال الفترة مابين اكتوبر 1968 ومايو 1971. وقد خلفت وفاة الاديب مجموعة من ردود الفعل ابرزها كان ذلك الصادر عن العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي سارع بارسال برقية تعزية الى افراد اسرة الشاعر الراحل، حيث عبر عن احر تعازي جلالته ومواساته في فقدان محمد الوديع الآسفي. واعتبر حسن نجمي رئيس اتحاد كتاب المغرب ان الحركة الثقافية والادبية المغربية تودع بمزيد من الاسى والاسف احد كبار رموزها (الذي عرفناه من ابرز الشعراء المغاربة احتراقا بالقضايا الوطنية والقومية والانسانية). وقال نجمي (لقد كبرنا في حضن تجربته بكل عمقها الشعري والنضالي والاخلاقي، وكان دائم الحضور في كل المحطات كشاعر اساسا) ، مشيرا الى ان الشاعر الراحل (لم يترك اية مناسبة تمر دون ان يخلدها في شعره). واضاف رئيس اتحاد كتاب المغرب ان الشاعر الراحل: كان يكتب شعره ويخطو خطوته في افق شعار ظل يعتبره مركزيا في حياته وفي تفكيره (اقسم جسمي في جسوم كثيرة)، وايضا شعاره الآخر الذي ظل يردده كتابة وشفاهة تقضي الرجولة ان نمد جسومنا جسرا فقل لرفاقنا ان يعبروا من جهته قال الناقد محمد اقوضاض ان الشاعر من المثقفين العضويين الذين لم يألو جهدا في الدفاع عن الوعي الوطني والثقافي. واضاف: ان الراحل كان جريئا في مواقفه وفي حواراته مع خصومه ومع اصدقائه ولكنه كان طلقا ومحبوبا من قبل جميع من عرفوه سواء من جيله او من الاجيال اللاحقة. وقد خلف تراثا ادبيا غنيا كما خلف تركة و(لوثة) فكرية ونضالية مهمة لم تزدها المحن الا انفتاحا وفعالية وحداثة. والناقد ادريس بلمليح قال ان محمد الوديع الاسفي كان مناضلا نزيها، وشاعرا متمكنا وقد جعل الشعر التزاما يخدم الهوية والاصالة وينفتح على الجديد، واعرب عن امله في ان تطبع الاعمال الكاملة لهذا الشاعر في اقرب وقت ممكن، وان يتم الالتزام في كتابة مقدمتها بالاخلاص للثقافة المغربية (لأن في اهمالها اهمالا لأنفسنا). ودعا ادريس بلمليح الى عقد ندوة علمية بمدينة آسفي (مسقط رأس الشاعر الراحل) تخصص لدراسة اعمال الفقيد وتاريخه الحافل لتجاوز مجرد التأبين العادي الذي أصبح روتينيا. وقد اصدر محمد الوديع الآسفي العديد من الاعمال، من ابرزها : (الجرح العنيد) وهو ديوان شعر 1979 و(من معالم الطريق.. عبدالعزيز الماسي) 1982 و(منطقة آيت باعمران.. ملحمة البطولة) 1982 و(ديوان الارض) ديوان شعر 1983 و(السلفي المناضل الشيخ محمد العربي العلوي) 1986 و(عمر بن جلون.. الانسان المتفتح كما عرفته) 1992. وفاة الشعر خسارة ادبية كبيرة