اشتهر جابر بن حيان في العالم (أوروبا) اكثر من شهرته في العالم العربي والإسلامي , بل ان كتبه صارت مراجع مهمة جدا في مكتبات العالم وخاصة اوروبا , بينما العالم العربي والإسلامي لا يعرف عنه الا القليل , بل يعرفون اسمه , لذا نجد أن الغربيين اقبلوا على ترجمة مصنفاته العلمية ومن اللغة العربية الى اللغة اللاتينية , لما فيها من المعلومات التي دفعت حضارتهم الى الامام. ولقد وصف جابر بن حيان الازدي جميع العمليات العلمية التي قام بها وصفا دقيقا وخلابا , فقد بين الأسباب من إجرائها , ودونها في مؤلفاته التي استفاد منها علماء الغرب , والجدير بالذكر هنا أن جابر بن حيان لم يقف عند الافكار النظرية كما فعل علماء اليونان الاوائل, بل أجرى عليها تجاربه العلمية المخبرية واثبت صحتها. والحق ان الكثير من علماء الغرب اعطوه حقه من المدح والثناء , واعتبروه من العقول النيرة والنادرة التي يهبها الله سبحانه وتعالى للبشرية , ولكن هذا الاعتراف لا يمنعهم من انتحال نظرياته, وآرائه العلمية في كل من الكيمياء والطب والفلسفة والفيزياء والفلك والعلوم الأخرى. يقول محمد ابراهيم الصبحي في كتابه (العلوم عند العرب في اواخر القرن الثامن الميلادي) أنشا جابر بن حيان الكيمياء إنشاء جديدا , جمع شتاتها وحذف مها الكثير مما يعد اقرب الى الدجل منه الى العلم , وادخل نظاما جديدا على هذا العلم سار عليه هو وطلابه من بعده, ولا يزال قائما حتى يومنا هذا , هو عدم التسليم بما لا يثبت بغير التجربة , فكان منهجه علميا تجريبيا خالصا, وهو المنهج الذي اتصفت به المدرسة الكيميائية العربية , وكان يؤمن ايمانا لا حد له بالبحث العلمي المبني على التجارب , فاتخذ معملا كيماويا يجري فيه بحوثه وتجاربه. لقد ادخل جابر بن حيان على علم الكيمياء الذي ورثه من الحضارات الاخرى الملاحظة الدقيقة والتجارب العلمية, وأولى اهتماما بالغا برصد النتائج المبنية على التجارب العلمية المخبرية والتي ثبتت صحتها, والمعروف ان علماء اليونان الأوائل اقتصرت خبرتهم على الصناعة والفروض الغامضة والخزعبلات, حيث انهم ينظرون للعلوم الطبيعية نظرة فلسفية بحتة , لذا فإن فشل علماء اليونان في حقل الكيمياء كان واضحا , وهذا الامر قد اعترف به علماء الغرب والشرق على السواء. وصدق محمد عبد الرحمن مرحبا عندما قال في كتابه (المرجع في تاريخ العلوم عند العرب), والخلاصة ان أوروبا لم تستيقظ من سباتها العميق إلا على علوم العرب وآدابهم وآثارهم, فحضارة العرب كلها إنما شعت في صقلية والأندلس , ومنها انطلق الإشعاع فكل موجة علم او معرفة قدمت الى أوروبا كان مصدرها هذه البلدان او ما جاورها.