قبل ربع قرن بدأت حركة العمران في حي تركية (3 كيلومترات غرب مدينة القطيف، و2 كيلو متر شرق تاروت)، وخلال 25 عاماً من العمران تحول الحي إلى أكبر أحياء المحافظة، حيث يسكنه قرابة 10 آلاف شخص، بالإضافة إلى أنه يضم منطقة للصناعات المتوسطة. يحوي الحي بيوتا أنفق أصحابها الملايين لبنائها، مفضلينه على بلداتهم التي خرجوا منها، لضيقها، وعدم وجود خدمات متكاملة فيها، ولكنهم لم يعلموا أنهم (يهربون من الرمضاء إلى النار)، فالحي يفتقد إلى الآن خدمة الصرف الصحي، مما تسبب في ولادة مشكلة ضخمة، اسمها طفح البيارات، هذه المشكلة التي باتت تؤرق سكان الحي، ودفعت وتدفع الكثير منهم إلى هجره، والسكن في أحياء أخرى، تتوفر فيها هذه الخدمة، أو العودة إلى قراهم في محافظة القطيف. (اليوم) تجولت في حي تركية، استطلعت آراء سكانه، رصدت معاناتهم مع هذه المشكلة، لتضعها على طاولة المسئولين، على أمل حلها في أقرب وقت، وهذا ما أكدته إدارة المياه في القطيف. سكني وصناعي ينقسم حي التركية إلى قسمين (سكني وصناعي), ويعد من أكبر وأبرز الأحياء الحديثة في مدينة القطيف، وليس فقط على مستوى جزيرة تاروت. ويقع الحي في غرب شمال الجزيرة، على الشارع الرئيسي الرابط بين القطيفوتاروت، كما أنه يكتظ بالسكان، بالإضافة الى عدد كبير من العمال الأجانب، الذين يعملون في تركية الصناعية (المنطقة الصناعية الرئيسية في محافظة القطيف). كما يوجد به العديد من المراكز التجارية والسكنية والطبية، وكذلك الحكومية، ومن أبرزها فرع شركة الكهرباء في القطيف. الصرف في كل مكان حول أهم مشاكل الحي قال احمد البيابي: نعاني نحن أهالي حي تركية بالقطيف من تدفق مياه الصرف الصحي إلى الشوارع باستمرار، مما يتسبب في تجمع مياه الصرف الصحي أمام المنازل، لتبقى فترة طويلة، فتنبعث منها روائح كريهة، تقلق الأهالي كثيراً.. مضيفا: جميع قاطني الحي السكني أو الصناعي، وكذلك زوار الحي منزعجون من انتشار مياه الصرف الصحي، وتجمعها في الشوارع والأراضي الخالية، حتى أصبحت سمة من سمات الحي، وتزداد المعاناة في فصل الشتاء، عند هطول الأمطار، حيث تتضاعف المشكلة، ويصبح الدخول والخروج من المنزل مشقة كبيرة، مما يضطر بعض الأهالي إلى إيقاف السيارة بجانب رصيف المنزل مباشرة، لكي لا يخوض في المياه القذرة. ويطالب البيابي وزارة الكهرباء والمياه، وبالذات إدارة المياه في المنطقة الشرقية، بالنظر في الموضوع، ومعالجة المشكلة، وإيجاد الحلول، ومعاقبة المتسبب في تدفق هذه المياه القذرة المنتشرة في كل مكان. مصدر إزعاج كما أشار حسين علي القديحي إلى إن مشكلة تدفق وانتشار مياه الصرف إلى شوارع حي تركية قائمة منذ سنوات طويلة، رغم ان المشكلة تهم شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين، إلا أن إدارة المياه وبلدية محافظة القطيف لم تحرك ساكناً.. مضيفاً: قامت إدارة المياه بتوصيل شبكة الصرف الصحي إلى جزء من الحي، وتركت الباقي يغرق في بحيرات المياه القذرة، يستنشقون الروائح الكريهة المنبعثة من البيارات إلى الشوارع، وبين المنازل. ابتزاز في الشفط وأوضح القديحي ان السبب في طفح مياه الصرف والروائح الكريهة في الحي خصوصاً عند المحلات التجارية والمناطق المزدحمة بالسكان هو المقاول الموكل إليه شفط البيارات، حيث انه لا يقوم بواجبه الكامل، لعدم وجود رقيب عليه، يتابع عملية الشفط باستمرار. ويؤكد القديحي: ان سائقي صهاريج شفط المياه بالمنطقة لا يقومون بعملهم في عملية الشفط بدون مقابل, فإذا لم يدفع المواطن مقابلا لا يتم شفط البيارة في المرة القادمة, وقد حصل لي ذلك في إحدى المرات، حيث لم ادفع له مبلغا من المال، فلم يقم بشفط بيارة منزلي، رغم إنه كان يقوم بشفط بيارات أحد الجيران، وكانت حجة السائق ان الصهريج مملوء، وسوف يحضر بعد التفريغ. وبألم واستغراب يضيف القديحي: لم يحضر السائق إلا بعد يومين، بعدما طفحت البيارة في الشارع، وسببت إزعاجا لسكان الحي. ويوجه القديحي سؤالا إلى المسئولين في إدارة المياه بالقطيف, وإلى المسئولين في الشئون البلدية والقروية: إلى متى سنظل ننتظر حتى يتم حل مشكلتنا، التي سببت هاجساً كبيراً، لذا نأمل من المسؤولين زيارة الحي لدقائق، فقط للإطلاع على الوضع المؤلم الذي نعانيه. 300 ريال كل شهر ويتساءل أحمد الفردان عن غياب الضوابط الصحية في حي تركية، التي يجب ان يفرضها المسئولون في بلدية محافظة القطيف، للحد من انتشار الأمراض والروائح الكريهة بين الأهالي.. مشيرا إلى ان أهالي الحي أصبحوا ضحية لإهمال المراقبين، الذين يفترض ان يتابعوا سيارات الشفط، حيث أصبحت عملية شفط المياه تكلف الأهالي ماديا، والسبب استغلال العاملين الأجانب للأهالي في عملية الشفط، فلا يقوم هؤلاء العمال بشفط المياه إلا بمقابل، فأنا ادفع شهرياً اكثر من 300 ريال. ويرجع الفردان السبب في ذلك إلى عدم توفر مراقب سعودي، تابع للبلدية، يراقب هؤلاء العمال، ويعاقب المقصرين منهم.. مناشدا المسئولين في البلدية توفير مراقب دائم لعملية الشفط. هروب السكان وأضاف الفردان: يدفع أهالي الحي الكثير لعملية الشفط، أكثر من مصروف الماء أو الكهرباء المستهلك، فضلاً عن الأضرار الصحية التي تلحق بأطفالنا، فندفع من أجل المحافظة على سلامتنا وسلامة أبنائنا.. مؤكداً: إذا استمرت هذه المشكلة فسيهرب سكان الحي، وتتحول تركية إلى حي خال من السكان، بسبب انتشار المياه في الشوارع. الأضرار من وجهة نظر الفردان لا تقتصر على الصحة العامة فقط، بل تتعداها، لتشمل تآكل الإسفلت في شوارع الحي, وتشويه المظهر العام لحي يعتبر من الأحياء الحديثة، ويشهد في الوقت نفسه توسعا كبيرا.. ويدعو الفردان المسؤولين والأهالي للمحافظة على المظهر العام، وعلى الممتلكات العامة. المستأجرون يهاجرون ويؤكد زهير القديحي ان الحي شهد في الآونة الأخيرة حالة هجرة من قبل المستأجرين، والسبب مياه الصرف الصحي المنتشرة في كل مكان، بطريقة غير طبيعية، مما يسبب انتشار الأمراض والروائح الكريهة.. ويتساءل: كيف يسكن المستأجر (مواطن أو مقيم) في منزل والروائح والبعوض تعيش معه بشكل دائم، وتزداد في فصل الصيف، بسبب الحرارة العالية. وأضاف زهير: رغم إن الإيجار يعتبر مناسبا في حي تركية، إلا أن أغلب المستأجرين لا يبقون فترة طويلة فيه، حيث يخرجون إلى أي منطقة أخرى، حتى إن كان هناك فرق في قيمة الإيجار لصالح حي تركية. تفريغ الصهاريج وأشار القديحي إلى وجود أراض غير مبنية في الجهة الشمالية من الحي، يتم تفريغ صهاريج مياه الصرف الصحي فيها, وتعتبر أخطر الأماكن في الحي، ومنبع انتشار الروائح والأمراض المعدية.. ويطالب مسئولي البلدية بوقف هذه الوضع، الذي يقوم به العمال دون رقيب أو حسيب. 25 عاما من المعاناة وحول معاناة المستأجرين في الحي قال عباس كاظم الهاشم: جئت إلى هذا الحي قبل 4 سنوات تقريباً، وبعد ان استأجرت شقة، تعتبر مميزة جداً من حيث قيمة الإيجار، أو المكان التي تقع فيه, بدأت أعاني للأسف من مشكلة انتشار تدفق مياه الصرف في الشوارع الرئيسية والفرعية المجاورة لمنزلي، مما يكدر علينا حياتنا الأسرية، وما تجلبه المياه الطافحة من البيارات، وما يتجمع عليها من بعوض وروائح كريهة وغيرها. ويأمل الهاشم من إدارة المياه إنشاء شبكة صرف صحي للحي.. يقول: يتعدى عمر الحي ربع قرن, فإلى متى ستظل إدارة المياه تتجاهل حي يعد من أرقى أحياء القطيف. خرج بطلب الطبيب ويضيف الهاشم: قررت الرحيل من الحي إلى أي منطقة أخرى، حتى ابتعد عن هموم البيارات، التي سببت لي ولأسرتي الكثير من الأمراض، كما ان أحد الأصدقاء خرج من الحي، والسبب أن أحد أبنائه أصيب بمرض جلدي، وقد كلفه العلاج الكثير من المال والوقت، وقد نصحه الأطباء بترك الحي. عيون المسؤولين ويختتم الهاشم: إن عدم توفر شبكة للصرف الصحي في الحي يؤدي إلى انتشار البعوض والحشرات والقوارض, وتصاعد أبخرة مياه البيارات في فصل الصيف، التي تسبب الامراض الجلدية والحساسية والربو, وأكبر الضحايا هم الأطفال.. لذا نناشد المسئولين في إدارة المياه والبلدية التدخل السريع الحل المشكلة من جذورها، لكي يعيش الأهالي في راحة وسلام. لمياه امام احد منازل تركية في القطيف حسين البيابي - شاكر الابيض