هل فكرت يوما في قضاء إجازة في مكان بلا سيارات ولا ماء جار ولا كهرباء؟ هل تخيلت يوما أن تنام على قمة بركان نشط؟ هأنت على استعداد أن تضحي بمظاهر حياة الرفاهية من الاطعمة الشهية والشواطئ الخلابة والهواتف المحمولة؟ إذا كانت إجاباتك عن الاسئلة السابقة بنعم فان قرية جينوسترا الايطالية هي المقصد الامثل لك لقضاء الاجازة التي ترغبها. وتقع القرية الصغيرة على أحد جانبي بركان نشط ينبع من البحر المتوسط ويقطنها 27 شخصا وتسعة من الحمير. وهي تقع على طرف مدينة سترومبولي إحدى جزر صقلية البعيدة. والطريقة الوحيدة للوصول للقرية الصغيرة هي عن طريق البحر. ويقع ميناء القرية (بيرتوزو) بين التلال ولا يمكنه استضافة أكثر من ثلاثة قوارب صغيرة. وهو أصغر ميناء في العالم حسبما ورد في موسوعة جينيس للأرقام القياسية. ولتتمكن من الوصول للقرية البركانية عليك أولا استقلال عبارة في نابولي أو باليرمو أو ريجيو كالابريا للوصول لسترامبولي قبيل استقلال قارب آخر للوصول إلى ميناء بيرتوزو. وما ان تصل إلى الميناء يقودك طريق ممهد بالطوب يبلغ نحو 300 خطوة يؤدي بك إلى القرية التي لا توجد بها أي سيارات. ويمكن لك الاقامة في غرف يؤجرها سكان القرية يوفرون من خلالها الطعام. وتتميز هذه الغرف بموقعها الرائع حيث تطل على مياه البحر المتوسط التي تتسم بالزرقة الداكنة والجزر القريبة. ولا يوجد بالقرية نفسها الكثير ليتمتع به السائح. فهناك متجران فقط لبيع المنتجات الغذائية. أما الأطعمة الطازجة فلا تتوافر إلا في حالة تحسن الاحوال الجوية بحيث يسمح للقوارب بنقل الاطعمة إلى الجزيرة. ويبيع متجر القرية القبعات والملابس وبعض مستحضرات مقاومة أشعة الشمس والكشافات ولكنه لا يوفر الكثير من الهدايا التذكارية. كما يوجد بالقرية مشرب صغير ومطعمان أحدهما يتحول إلى مشرب ليلا. وتشتهر المدينة بالاطباق التي تعتمد على الاسماك ولكنك لا يمكن أن يوجد مكان في إيطاليا لا تتوافر به البيتزا الايطالية الشهيرة إلا ان الاسعار بها مرتفعة نوعا ما. وبالرغم من قلة المميزات التي تتمتع بها القرية إلا أنها تعد مقصدا رائعا لعشاق المغامرة. وتقول ستيفانيا كونترو أحد سكان القرية التي تدير منظمة لحمايتها من شرور العصر الحديث ان المكان ساحر. إذا كنت من عشاق البحر والطبيعة والهدوء والسكينة فان جينوسترا هي مقصدك الامثل. إن الحياة بها كمن يعيش في عالم منفصل. والانشطة الرئيسية في القرية بجانب الصيد تدور حول البركان حيث يحاول السائحون الصعود إلى فوهة البركان للتمتع برؤية نهر الحمم البركانية بصحبة المرشدين من سكان المدينة. ولا يمكن للسائح أن يصعد إلى فوهة البركان دون اصطحاب مرشد معتمد وهو أمر مهم يجب على السائح مراعاته، ففي عام 2000 اختفى سائح ألماني داخل احدى الهوات البركانية ولم يعثر عليه أبدا، وفي عام 2002 قتل سائح بريطاني وهو نائم بعد أن سقط عليه حجر كبير قذفته فوهة البركان.. وفي عام 2002 اضطرت السلطات الايطالية إخلاء القرية بعد انفجار بركاني مما أسفر عن هياج أمواج البحر التي اجتاحت القرية وهدمت المنازل ودمرت القوارب. وأصيب في الحادث ستة أشخاص.. ويفسر هذا النشاط البركاني سبب تقلص عدد سكان مدينة سترامبولي من خمسة آلاف شخص في عام 1930 إلى 500 فقط اليوم. وبالرغم من ان أول وجود بشري على الجزيرة يرجع إلى حقبة ما قبل التاريخ إلا إن سترامبولي لم تكن أبدا مكانا مميزا على الخريطة الإيطالية. فقط يذكر التاريخ انها كانت دائما عرضة للاحتلال من قبل القراصنة من شمال إفريقيا وتركيا كما كان يختبئ بها الرهبان الهاربون. وبالرغم من المخاطر التي تتسم بها الجزيرة إلا ان هذه المخاطر عينها هي ما تجعل سترامبولي وجينوسترا أكثر سحرا وجذبا.. ويعد شهرا مايو ويونيو حيث تنمو أشجار القوطيسوس (جينستر) بلونها الاصفر الجذاب التي أخذ عنها اسم القرية (جينوسترا) وأضفت عليها لونا مميزا.