انشئت الهيئة العامة للمدن الصناعية لتتولى الاشراف على مشاريع المدن الصناعية ومنح الامتيازات الخاصة بتطوير هذه المدن لشركات من القطاع الخاص بحيث تقوم هذه الشركات بتزويد المدن بالمرافق والخدمات قبل بيعها او تأجيرها الى المستثمرين الصناعيين. وقد استهدفت الحكومة من انشاء هذه الهيئة العمل على زيادة الرقعة الصناعية ورفع القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية من ناحية، ومن ناحية اخرى رفع بعض الاعباء عن كاهل الحكومة وتسليمها الى القطاع الخاص بحيث يدير هذه المدن واستثماراتها المختلفة على اساس "الكلفة الحقيقية". ويمكننا ان نلاحظ ان انشاء هذه الهيئة سبقته دراسات وابحاث ضمن مشروع لجمع المعلومات ودراسة الاثار والنتائج المترتبة على انشاء الهيئة واستمر العمل في مرحلة اجراء الدراسات و الابحاث اكثر من 16 شهرا استعانت خلالها وكالة وزارة الصناعة والكهرباء لشؤون الصناعة بعدد من الخبرات المحلية والدولية، بهدف تحديد المشكلات التي تعوق تفعيل التنمية الصناعية، والقيام بزيارات ميدانية لعدد من المدن الصناعية الكبرى في العالم للاستفادة من التجارب العالمية البارزة والمهمة في هذا المجال. وبالاضافة الى اعادة هيكلة القطاع الصناعي واصلاحه فان هناك جملة من الاهداف الاقتصادية الاستراتيجية تسعى الحكومة الى تحقيقها من وراء خطوة انشاء هيئة المدن الصناعية التي تعد خطوة طموحة، حيث تهدف الحكومة الى توفير الاراضي الصناعية من خلال آلية مشتركة بين القطاعين العام والخاص مبنية على التوزيع الامثل للادوار بينهما، بحيث تكتفي الدولة ممثلة بوزارة الصناعة والكهرباء بمهام وضع الاستراتيجيات العامة والسياسات والتنسيق مع الوزارات المختلفة لتوفير الخدمات المطلوبة لهذه المدن بينما تتولى هيئة المدن الصناعية مهام الاشراف والرقابة ومتابعة عمل الشركات العاملة في هذا المجال من القطاع الخاص بحيث تكون للهيئة التي سيرأس مجلس ادارتها وزير الصناعة والكهرباء استقلالية تامة وسيتم ترشيح ممثلين عن القطاع الخاص الصناعي لعضوية مجلس ادارة الهيئة بينما يحكمها نظامها الخاص في الموازنة والتوظيف. اما الدور المهم فهو للطرف الثالث في المعادلة الجديدة وهو دور شركات التطوير من القطاع الخاص التي ستمنحها الهيئة امتيازات رسمية ليكون دورها توفير مصادر التمويل اللازمة والعمل على تطوير المدن الصناعية والادارة والتشغيل تحت اشراف ورقابة من الهيئة. ويمكن القول بان هذه الخطوة ستطوي صفحات طويلة من ملف ظل مفتوحا ومعلقا منذ اعوام على قضية رئيسية هي (عدم توافر اراض صناعية مطورة بعد تراجع موارد السعودية وتزايد طلبات الصناعيين للحصول على الاراضي الصناعية التي تؤجرها الحكومة بمبلغ رمزي يعد الاقل بين جميع دول العالم ويعادل 0.08 ريال (0.02 دولار) للمتر المربع الواحد. ويمكن القول بان انشاء الهيئة العامة للمدن الصناعية سوف يؤسس لروح متنافسة واقعية بعد ان ترفع الحكومة يدها عن دعم القطاع الصناعي ومن ثم فان هذه المنافسة ستفتح الباب امام القطاع الصناعي لاقتحام الاسواق الدولية بشكل قوي وجاد.