كان جابر بن حيان الأزدي عالما متبحرا في كثير من العلوم، فقد أبدع في علمي الفلك والفيزياء، بجانب تفننه الباهر في العلوم الطبيعية الأخرى التي في مقدمتها علم الكيمياء (علم جابر)، لذا نجد ان جابر بن حيان محل تقدير وثناء من معاصريه من علماء العالم ومن أتى بعده واستفاد من مؤلفاته الكثيرة والمتنوعة. يقول جمال الدين القفطي في كتابه (تاريخ الكيمياء) ان جابر بن حيان كان متقدما في العلوم الطبيعية، بارعا في صناعة الكيمياء، وله تواليف كثيرة، ومصنفات مشهورة، وكان مع هذا مشرفا على كثير من علوم الفلسفة ومتقلدا للعلم. وأما محمد فياض فيقول في كتابه (جابر بن حيان وخلفاؤه) ان جابر بن حيان له دراسات مستفيضة في العلوم الطبيعية، فقد لاحظ اثناء اجراء تجاربه ان دفع الماء يتناسب طرديا مع حجمه. وبالرغم من ان جابر بن حيان الازدي اشتهر شهرة ملموسة وبصورة فريدة كعالم متميز في علم الكيمياء، غير انه نال مكانة رائعة ومرموقة في حقل علم الفيزياء. وملاحظته العلمية الدقيقة بالنسبة لضعف قوة المغنطيس مع مرور الزمن تعطى الباحث فكرة واضحة عن دوره في مجال علم الفيزياء. وفوق هذا كله استطاع وبجدارة أن يربط العلوم الطبيعية بعضها ببعض. يقول محمد ابراهيم الصبحي في كتابه (العلوم عند العرب) كان جابر بن حيان دقيق الملاحظة توصل بدقة ملاحظته الى أن قوة المغنطيس تضعف بمرور الزمن، وذلك عندما لاحظ ان حجرا من المغنطيس يحمل كتلة من الحديد زنتها (100) درهم. وبعد مدة من الزمن حاول أن يختبر الحجر فلاحظ انه لا يزيد على 80 درهما فقط. لقد كان جابر بن حيان الأزدي يثق بالتجارب العلمية ثقة عظيمة، فحازت على حقها من المعرفة، لذا استحضر عددا كبيرا من المركبات الكيميائية التي لا تزال تستخدم في العالم المتقدم في هذه الأيام. ونتيجة لذلك اعترف علماء الشرق والغرب في تاريخ العلوم ان جابر بن حيان قد صنف موسوعة علمية في ميدان علم الكيمياء لا يستغني عنها باحث، كما انه لم يقصر نفسه على حقل علم الكيمياء، بل تضلع في موضوعات اخرى مثل الفيزياء، والفلك والطب، والصيدلة، والعلوم الطبيعية بوجه عام. ويقول أبو زيد شلبي في كتابه (تاريخ الحضارة الاسلامية والفكر الاسلامي) ان جابر بن حيان الازدي من أشهر علماء الكيمياء في العالم، فله مؤلفات نادرة نقلت الى عدد كبير من اللغات الأوروبية. فعلى سبيل المثال كتابه المعروف بالاستتمام نقل الى اللغة الفرنسية سنة 1672 ميلادية. وأضاف غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) قائلا: وتتألف من كتب جابر بن حيان موسوعة علمية حاوية خلاصة ما وصل اليه علم كيمياء العرب في عصره. وتشمل تلك الكتب علم وصف كثير من المركبات الكيمياوية التي لم تذكر قبله، ماء الفضة، وماء الذهب اللذين لا نتصور علم الكيمياء بغيرهما.