المعروف ان الاحساء تشتهر بكثرة عيونها الفياضة وينابيعها الجارية على وجه الارض وبنظام الري الدقيق الذي توارثه الاباء عن الاجداد في ترتيب محكم يتناسب مع البيئة الزراعية لهذه المنطقة التي نمت فيها واحات النخيل حتى لقد عدت بالملايين وما نتج عن ذلك النظام المحكم من بحيرات وانهار نمت وتنامت حولها الزراعة فكانت الاحساء من اشهر مصادر الثروة النباتية حيث كانت تصدر التمر والارز والقمح الى سائر البلاد المجاورة في الخليج ووسط الجزيرة العربية والحجاز منذ آلاف السنين. وقد سمى الشيخ محمد بن عبدالله العبدالقادر يرحمه الله عشرات العيون والينابيع والانهار الكبيرة وفروعها ومن تلك العيون: 1. عين الخدود: ويتفرع منها خمسة انهار. 2. عين الحقل: ويتفرع منها ستة انهار. 3. عين غصيبة: يجري ماؤها في نهر واحد. 4. عين التعاضيد: يجري ماؤها في نهرين. 5. عين برابر: يجري ماؤها في نهر واحد. 6. عين الحارة: يجري ماؤها في خمسة انهار. 7. عين الجوهرية: يجري ماؤها في اربعة انهار. 8. عين أم سبعة: يجري ماؤها في سبعة انهار. 9. عين منصور: يجري ماؤها في ثلاثة انهار. ومن العيون الصغيرة عد الشيخ 34 عينا وسط النخيل وضواحي الارز، وفي ضواحي قرية المطيرفي خمس عشرة عينا جارية، وفي ضواحي العيون واحدى وثلاثون عينا جارية، وفي قرية الكلابية ثلاث عيون جارية، وفي القطار ثلاث عيون جارية. وبالقرب من مدينة الهفوف اربع عيون هي: البحيرية، البحيري، ام نسيم، ام خريسان. وبالقرب من مدينة المبرز عين الزواوي، عين مرجان، عين نجم. ان هذه العيون تصب في انهار تجتمع في برك كبيرة ثم تتوزع على المزارع وحقول النخيل وضواحي الأرز والخضراوات والفواكه الموسمية فضلات هذه المياه بعد ان تؤدي مهامها في ري المزروعات وتخفيف الملوحة عن التربة تذهب الى (جرور) صغيرة تستفيد منها تلك الحيازان التي ليست لها حصة معروفة من الماء فاذا اكتفى الكل تحولت المياه الى الصرف في النواحي الشرقية الى بحيرة الاصفر، وفي الناحية الشمالية الى (الصراة). وقد خلدت بعض تلك العيون الكبيرة بالعديد من القصائد التي قالها الشعراء في مناسبات مختلفة وهناك الكثير من التفاصيل حول هذه العيون وانهارها ومظلاتها في كتاب (تحفة المستفيد 1/92). وقد بقيت هذه العيون والينابيع وما يتفرع منها من انهار وجرور تتفرع من الانهار كنظام للري عمل بنظام دقيق منذ مئات السنين.. الا انه مع اتساع آفاق الزراعة وامتداد الرقعة الزراعية وحاجاتها الى المياه فقد كثر حفر الابار الارتوازية لاستخراج المياه الجوفية مما قلل من الضغط وتدنى نبع المياه واصبح الكثير منها لايعدو فوهة العين وانخفض منسوب المياه الجوفية واصبحت لاتفي بحاجة الزراعة ورغبة في التطور والتطوير رأت حكومتنا الرشيدة انشاء مشروع للري رأى الخبراء انه يحقق الحفاظ على الثروة المائية ويخلص التربة من الاملاح والشوائب فانشأت مشروع الري والصرف منذ عدة سنوات.. هذا المشروع طمس معالم الري القديمة وقضى على كثير من مسميات (انهار) الري وقنوات الصرف بل انمحت تماما من الوجود ولم يبق من تلك الاثار الخالدة سوى مسميات العيون المشهورة منذ القدم ولاشك ان ضياع تلك المعالم ضياع لجزء من تاريخ البلاد وحرصا على ايضاح تلك المعالم بمسمياتها القديمة حمل الاخ صالح بن عبدالوهاب الموسى (وهو احسائي عريق ذو ارتباط بالزراعة وثيق) على عاتقه ان يبحث عن تلك المعالم في مظانها وان يرجع الى من لهم ادنى علم بها والى الوثائق والعقود التي تحدد فيها الملكيات الزراعية حيث قضى مايقرب من ثماني سنوات وهو يرصد ويبحث ويباشر العمل الميداني حتى استطاع ان يرسم خارطة واضحة ضمنها جميع مسميات العيون والينابيع والانهار والبحيرات وقنوات الري( الثبارة) وتقسيم الحيازان الزراعية (الاطراف) وقنوات الري (الرسم) وغير ذلك من المسميات التي اندثرت او اندثر معظمها لولا هذا الجهد المشكور الذي قام به الاخ صالح حيث وضع كل تلك المعلومات على مخطط جميل تفضل باهدائي نسخة منه فلم اتردد بان اودعها اطارا يليق بها لتكون عنوانا لمكتبتي. هذا الانسان الذي ضحى بالكثير من وقته وجهده لانتاج هذا الابداع الذي يستوجب الشكر والتقدير كما انه يستحق التشجيع بان تبادر الجهات الحكومية خاصة المتحف الوطني ودارة الملك عبدالعزيز ووزارة الاعلام والثقافة ووزارة التربية والتعليم الى اقتناء نسخ من هذا المخطط التراثي الذي يحفظ جزءا من تاريخ بلادنا وتراثنا الاصيل.