اعتقد انه يشاركني القول الكثير بأن البنوك تجحم عن اقراض المنشآت الصغيرة وتضع عليها كثيرا من الشروط والضمانات التي غالبا لو كانت تحوزها هذه المنشآت لما قامت باللجوء للاقتراض من البنوك، كل ذلك بحجة ما نتج من تعثر المدينين عن سداد مديونيتهم خلال فترة ما يسمى بالطفرة ويترتب عليه حرمان اصحاب المنشآت الصغيرة من ذوي التأهيل العلمي والمشاريع ذات الجدوى الاقتصادية للاستفادة من التمويل عن طريق البنوك. والواقع عملا ان اغلب البنوك اقتصرت تعاملاتها الائتمانية على شريحة معينة وكل منها تحاول في اجتذاب هذه الشريحة وتقديم التسهيلات والاسعار التفضيلية لها فيما يتعلق بالخدمات والفوائد المصرفية. واذا استعرضنا الحالات والعديد من المشاريع التي تحتاجها البلاد على مستويات المنشآت الصغيرة والمتوسطة ولكنها لا تحصل على التمويل اللازم سنجدها كثيرة بالرغم من توفيرها الضمانات المعقولة التي تجعل سداد القرض آمنا. وفي ظل التوجه القائم في إحداث مراكز تعنى بهذه المنشآت في الغرف التجارية وبروز العديد من الاختراعات والافكار المطورة من الشباب وهو ما يتوجب ان تكون للبنوك مبادرة في منح هذه المنشآت القروض والتسهيلات الائتمانية خاصة اذا ما نظرنا الى العدد الكبير من هذه المنشآت والاحتياج الاقتصادي لها مع توزيع نسبة المخاطر وان البنوك قد استفادت من الحسابات الجارية لهذه المنشآت لمدد طويلة. واذا فرضنا ان البنك قد قام باقراض اي من المنشآت الكبيرة بمبلغ عشرين مليون ريال على سبيل المثال فانه يمكن اقراض خمسة عشر او عشرين منشأة صغيرة بنفس المبلغ مع الحصول على فائدة اكبر وتوزيع لمخاطر الائتمان. وان القول بمماطلة وعدم سداد اصحاب المنشآت الصغيرة امر ليس له سند، ذلك ان ما حدث في وقت الطفرة لا يمكن القياس عليه في الوقت الحالي لكون ان الدراسات الائتمانية التي على ضوئها منحت التسهيلات في تلك الفترة لم تكن على المستوى المطلوب وكانت اغلب الضمانات عقارية وتقدر بمبالغ غير حقيقية كل ذلك بهدف رفع قيمة التسهيل. وفي المرحلة الحالية نرى ان البنوك عليها دور مطلوب في تنمية هذه المنشآت وتوفير السيولة لها مع أحقيتها في الحصول على الضمانات التي يمكن الرجوع عليها في حالة عدم الوفاء بالالتزام المالي. وعلى ذلك نجد ان الدور الذي تقوم به الغرف التجارية حيال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتعين ان تشارك فيه البنوك التجارية في المملكة ليصار الى وجود مشاريع ومصانع على حجم هذه المنشآت وتوفير فرص عمل وتدريب. وبلاشك فان هذه المنشآت الصغيرة طالما بنيت على اسس صحيحة فستأخذ من التوسع وستصبح كبيرة وسيكون لها تأثير اقتصادي في السوق كحال غيرها وهكذا. *المحامي والمستشار القانوني