أبدى معالي الدكتور غازي القصيبي استغرابه من قيام الكثير من النقاد المعاصرين باستبعاد الشعر الحقيقي لمجرد أنه وقع مع مناسبة ما مشيرا الى أنهم يتناسون التجربة التي كانت الخلفية الفعلية للقصيدة. وفي كلمة لمعاليه خلال الامسية الشعرية التي أقيمت مساء الجمعة بمدينة الكويت بدعوة من اللجنة المنظمة لمهرجان (هلا فبراير) أوضح الدكتور القصيبي أنه اختار عنوانا لهذه الامسية لا يخلو من غموض: (من شعر المناسبات النفسية) قائلا كيف يمكن لشعر يعبر عن تجربة نفسية أن يعتبر من شعر المناسبات ؟ وكيف لشعر المناسبات ان يعبر عن تجربة نفسية مؤكدا قوله من الواضح جدا , لي أنا على الاقل ان أي شيء يكتب لمجرد المناسبة , سواء كانت قدوم شهر أو مطلع سنة أو زفاف وجيه , ليس بشعر بل أنه , في افضل حالاته نظم رديء , بعد ان نفرغ من هذه البديهية , يجب ان نقول أن الشاعر قد يكتب قصيدة تتصادف مع مناسبة تكون تجربة حقيقية لدى الشاعر , نحن هنا لم نعد نتحدث عن مناسبات , ولكن عن تجارب ولهذا السبب فأنا لا أستطيع أن اعتبر الشعر الذي يكتبه شاعر عن حزيران الاسود او عند وداع عزيز عليه , أو مع ضحكة أول أطفاله من شعر المناسبات , لابد ان ندرك ان المناسبة لا تنفي , بالضرورة التجربة وقدم معاليه مثالا جيدا لمناسبة شكلت تجربة نفسية قاسية بالنسبة له , ولمعظم العرب كما تصور ألا وهي ذكرى حزيران الاسود فألقى قصيدة بعد سنة جاء فيها: بعد سنة مضغ القفل لساني وأنا أحلم باليوم الذي انطق فيه دون أن أخشى رقيبا دون أن يشتمني الف سفيه ما الذي يفعله الشاعر في وجه البنادق؟ وهو لا يملك الا قلمه ؟ وهو لا يحمل الا ألمه؟ وهو ما ذاق لظى الحرب .. ولا زار الخنادق ؟ وهو ما هام على ميناء ظمآن شريدا! وهو ما حارب في القدس ولا خر شهيدا. وهو لا يصنع الا الكلمات؟ وكان القصيبي قد بدأ الأمسية مداعبا أهالي الكويت بقصيدة ولهانة التي كتبها خلال زيارته للكويت العام الماضي والتي قال فيها: قل للكويتية الحسناء معذرة اذا فضحت الذي قد كان من خبر تقول (ولهانة) لو أنها صدقت أكنت وحدي بين اليأس والضجر؟ أكنت أحمل هم الناس قاطبة اكنت اتعس من بيد بلا مطر عقب ذلك ألقى معاليه عددا من القصائد منها(أطفلة الأمس هذي؟!) والتي مطلعها: العمر أنت ورياه .. ورونقه وأنت أطهر ما فيه وأصدقه يارا؟. أم الحلم في روحي يهدهدها يارا ؟ أم اللحن في قلبي يموسقه؟ أمن عيونك هذا الفجر مشرقه؟ أفديه فجرا بظل الفجر يعشقه ثم ألقى معاليه قصيدة (أتجعلني جدا) وقصيدة(نصيحة الى غازي الصغير) و(ترنيمة لسلمان!) و(الارهابي الصغير) ثم قصيدة (رقم الهاتف) التي أشار اليها بقوله: هل منا أحد لم يمر بهذه التجربة؟ ان تستعرض ارقام الهاتف في مفكرتك رقما لم تعد بحاجة اليه بعد أن مات صاحبه؟ تجربة بسيطة لا ! تجربة مفعمة بالاحاسيس والالم , القصيدة التالية للصديق عبد الوهاب العيسى رحمه الله. وعندما يرحل عنا واحد من صحبنا يموت بعض قلبنا ثم نعود .. بعد ان يجف دمعنا لدربنا للضجر اليومي .. والرغبة .. والاعياء وفجأة في دفتر الهاتف ؟؟ يطفو اسمه أمامنا ونلمح الرقم على الصفحة.. مغمور بماضي حبنا وباليد المرتجفة نشطب رقم الهاتف الصامت من دفترنا المسكون .. بالضجة والاحياء نودعه ذاكرة الاشياء وفجأة نذرف دمعتين لأننا ندفن من نحب مرتين وألقى قصيدة (في عامي الستين) وقصيدة(فياجرا) أعقبها قصيدة(جدارية.. أو هكذا تكلم صدام حسين) الذي قال عنها( القصيدة التالية لا تدور حول الشماتة القصيدة نبوءة بسقوط الطاغية . على النحو الذي سقط عليه , كتبتها قبل أكثر من عشر سنوات .. حسنا! أن يحدث الشيء متأخرا أفضل من ألا يحدث على الاطلاق). شعبي الحبيب! من مخبئي الارضي و(الاسباب لا تخفى على شعبي النجيب!) أهديكم شوقا أجج باللهيب وأزف بشرى النصر في ام المعارك .. للبعيد .. وللقريب مازلت يا شعبي على رأس الحكومة لا أموت ..ولا أغيب لم استقل رغم المجازر ..والخسائر والزوابع ... والقلاقل والمآتم .. والنحيب شعبي الحبيب ! أنا من ترشف حبه الاطفال في كوب الحليب أنا فرحة العذراء بالوعد الرطيب مختتما أمسيته بقصيدة أغنية العودة: وها هو ذا الان وجهك يبرق .. عبر الدخان كلؤلؤة في ظلام المحارة تشهق أضواؤها في ظنون نواخذة المركب المتعبين أجيئك متشحا بالخليج الذي داهمته قراصنة البحر في ليلة الغدر والغادرين