الدكتور عبدالقدير خان تحول بين عشية وضحاها من بطل قومي إلى مذنب يطلب الصفح والغفران على شاشات التلفزة نظير جرم مشهود يوم باع اسرارا نووية لدول مارقة! هكذا وبعد ان قدم الرجل لبلاده واحدة من أعظم الخدمات التي يمكن ان يقدمها مواطن لوطنه بأن يضعه في مصاف الدول المهابة الجانب.. يتحول الى كسير يطلب العفو والصفح، والدموع تتزاحم في عينيه، وتفرض عليه الاقامة الجبرية. كاتب غربي قال متشفيا وحاقدا ان عبدالقدير خان هو (لص نووي) ووصفه بأنه اصبح بطلا قوميا عبر سرقته لتصاميم نظام طرد مركزي نووي اوروبي مكنت باكستان من اجراء اختباراتها النووية عام 1998م! ولعل من المفارقات المؤلمة ان نظير (خان) على الجانب الهندي، وابو القنبلة النووية الهندية كان له مصير مختلف ومغاير تماما لمصير عبدالقدير خان، فقد تولى (ابو الكلام) منصب رئيس الهند لوضعه بلاده عضوا في النادي النووي، وهو منصب فخري، ولكنه بلا شك يعكس احتفاء وتقديرا هنديا بأحد ابنائها وعقولها الجبارة. الاعتراف بالخطأ (اذا وجد الخطأ فعلا) والتراجع عنه فضيلة ومحمدة وليست عيبا او رزية، ولكن قوانين السياسة وقواعد اللعبة اليوم لاتعترف بهذه الفضيلة، وتصنف صاحبها على انه مجرم ولص يجب ان ينال عقابه اليوم او غدا. ان اعتراف (خان) سيكون المدخل المناسب لخطوات تنتظر باكستان مستقبلا واحداث تنسج خيوطها في الكواليس لهذا الشعب المسلم. فقنبلته النووية كانت ومازالت غصة مزعجة، وشوكة في حلق الاعداء والمتربصين واليوم يكفي فقط الاعتراف وغدا تتسع دائرة المتهمين لتشمل جهات حكومية الى ان يقال للباكستانيين مافائدة هذه القنبلة اصلا.. وهل من ضرورة لها؟ يجب تفكيكها ونزع اسلحة الدمار الشامل في المنطقة وفقا لمعاهدة الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل! ثم يبدأ جزء آخر من مسلسلات الترويض والتركيع التي يمارسها اسياد العالم الجدد على المارقين من تحت عباءتهم! هل شاهدنا امريكا يوما تمارس هذه الفضيلة وتقر بخطأ واحد ارتكبته في تاريخها وتطلب الصفح والغفران؟ ام انها تركت هذه الفضيلة للعرب والمسلمين لتنفرد هي ببقية خصال الديمقراطية والحرية؟ اعتقد ان اعترافات (خان) لن تجلب التعاطف ولا الصفح ممن يتربصون بباكستان فلها دورها القادم في سلسلة الانظمة المطلوب تصفيتها او تهذيبها وفقا للطبعة الامريكية فهل من معتبر؟