يعقوب عليه السلام (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّه) لأنه عَلِم أن الأُنس والانشراح شيئان لا يملك أسبابَ تيسيرها إلى النفس إلا الله، وما كان الحُزن إلا زائراً ضيافته الصبر ومائدته الاستغفار حتى يعود مًحمَّلاً بالحمد إلى مَن أرسله ليبتلي الإيمان في نفوسنا. أموال الدنيا لا تعادل سعادة يوم بلا هم ولا غم، وراحة البال في ثوانٍ نعمة تستحق الشكر للواحد الأحد الذي يُعطي بِلا مَنّ، لقد تجرعت مرارة الهم فما عَلِمت صاحباً أسوأ مِنه، إنه ينغص العيش ويدمع المقلتين ويُشرِّد النوم.
الدنيا لا ترقى إلى درجة الأهمية في مقياس الحياة المنشودة (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)، لكن لا تجعلها نصب عينيك فتقطع الأرحام وتطيع الشيطان مِن أجلها، لأن القصد مِن هذا كله هو العبور إلى الدار الآخرة، جعلنا الله وإياكم مِن أهل الفلاح فيها، (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ).
فَضحت أرض الشام سياسة المصالح «الصورية» بين الدول العُظمى وحلفائها بالشرق الأوسط، وانكشف الغطاء للعُقلاء، عن عداوة المنافقين وخِداع الأعداء. ليتنا نعي الدرس جيداً ونأخذ بمنهج القرآن في إعداد القوة وعدم الركون الى خيارات الإذلال؛ لأن العيش الكريم للأقوياء والرعب والخنوع للعملاء الضعفاء (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).
موت الضمير أسوأ مصيبة قد تصيب الجموع في عموم المجتمعات، فإذا مات الضمير ضاع حق الضعيف وتغطرس القوي وبَطَش الجبابرة، وعلى النقيض مِن وجود الأحياء بضمائرهم، الذين معهم يسود العدل ويندحر الشر وتنكسر شوكة الظلم، ألا إن الأحياء بضمائرهم في جهاد، وغيرهم في غياهب الغفلة يعمهون.