كل شيء ينتهي.. يمضي سريعا.. كل الليالي والأيام واللحظات تمر في حياتنا وتصبح في النهاية مجرد ذكرى. وغالبا ما تختفي وجوه ألفتها وأحببتها لتأتي وجوه أخرى.. وهكذا تستمر حركة الحاضر في مسارها الذي لن يقف الا بنهاية الأجل. بعضنا يتشبث بالماضي.. يطبق عليه بيديه ويغمض عينيه ويحلم.. ويستعيد الوجوه والأيام والاحداث.. ويغلق تلك المسافات التي تركها خلفه بأنينه وحسراته وندمه.. وينسى - أن الحاضر أجمل وأحلى - وأن الحاجز الذي يفصلنا عن جمال هذه الدنيا قد صنعناه نحن في دواخلنا وبارادتنا وبذلك القيد الذي أدمى رؤوسنا وكبلنا به عقولنا.. وأرهقنا به تفكيرنا. ولا أعتقد ان احدنا قد ألغى ذلك الجدل الحاد بينه وبين أيامه التي مضت.. ولكن خيرنا من يتعظ من هفوات ماضيه. بالأمس.. وصلتني رسالة من أحد زملائي القدامى يتساءل : (لماذا ابتلعت لساني؟ واين شجاري وشغبي ومناكفتي للآخرين؟) وهو لا يدري أنني ما رهبت سهاما ولا نبالا تترصدني.. وكنت أعتقد انني ومنذ امد بعيد قادر على العراك حتى مع (جنكيز خان) أو (موكب الطرشان) ولكن كلمات هذا الصديق قتلتني وأحيتني واعادتني الى شاطئ الحفاة الراكضين خلف عرائس البحر والحب والهوى.. وأحيتني حبا أمتلأ به ويمتلئ بي.. وقتلت في داخلي قرصانا ينتصر وينهزم.. ولا يهمه أن تغرق كل مراكبه. أما اليوم فهأنا ثكنة فارغة بلا أسلحة بعد أن قذفت أنت بكل أسلحتي في بحر من الحب. فهل تجير أعزل!!