انهمر ذلك الهدوء المفاجئ... ذلك السكون الذي تتآكل معه الجدران والضحكات . تلك الفوضى التي تواصلت بجنون الاحلام والامنيات في مستقبل لمائة عام أو يزيد... أين هي؟!! ذلك الرعب من الغد الذي كان يسوقني كل صباح لعملي دون رغبة، ولطموحاتي بكل التحدي أين تلاشى؟!! تلك الآمال في اختراق السحب لأبعد بلاد الدنيا وكأنها آخر مطافي في النعم... لماذا انتهت وكنت أظنها لن تفعل!! تلك الأصوات التي كانت تتجادل لتثنيني عن عمل ، أو تدفعني لأخترق صفوف مخاوفي وأقدم على آخر ... لماذا هذا الصمت؟!! هؤلاء الأصدقاء الذين كانت ضحكاتهم تملأ أسماري.... هل مازالوا؟!! تلك القمم التي اعتليتها وشققت القنوات لأصل إليها ، وتربعت فوق تطلعاتي لأبقى خالدا للأبد ... اين أوهامي؟!! تلك الهياكل التي تعلمت كيف أبارز تفوقهم علي ونجحت ... اين اختفوا؟!! هؤلاء الأقرباء الذين أقسمت بمقاطعتهم لأنهم أساؤا إلي وكأنني أعيش أبدا .... كيف استطعت؟!! هذه العزلة الباردة التي تقطعك فجأة من المنتصف وأنت لم تبتلع ريقك بعد من شدة اللهاث ... تداهمك فجأة عندما تصاب بالموت في عزيز أو قريب لديك تودعه لآخر مرة . أتوجد ابتسامة يمكن أن تنشق من تلك الردهة الطويلة !! أيعقل أن تفكر في هذا الآن وأنت تتقبل العزاء، أو ترسله لأحد؟!!! لابد أن ذلك سؤال مجنون.... لكن الجنون ألا تعقله. الموت هو الشئ الوحيد الذي لا تواجهه اي قوة في العالم، لكنه الحكمة البالغة التي لا تحتاج لمقال. في تلك اللحظة التي ترى فيها الموت يزحف لأحد ممن تحب أو تعرف تتوقف كل مقاييس العمر عندك. وتشعر بأنك عار أمام حقيقتك. إنك لست خالدا للأبد . عندما تتقمصك تلك المشاعر للحظة تدرك أنك تخسر كل دقيقة من عمرك بأمرك وبتوقيت من ذاتك عمرا حددته بنهاية مفتوحة وكأنك المسؤول عن ذلك. فدائما لديك العذر لتتورط في الحياة أكثر. علاقات كثيرة في الحياة قد تخسرها .. مع نفسك أو عائلتك أو أصدقائك أو حتى تعاملك مع الحياة بشتى أشكال التعامل، وعندما تشعر بأنك يمكن أن تختفي فجأة من هذا العالم وشئ من مسؤولياتك تجاه أحد من هؤلاء مازال عالقا ألا يشعرك ذلك بالخوف الحقيقي؟!! إن التأمل في الموت نعمة تجعلك جزءا حيا من واقعك وتعطيك الفرصة لأن تعدل مساراتك وانت مازلت قادراعلى ذلك. تعينك على الفهم وإدراك ماهية معاركك مع الحياة إن كانت خاسرة أم رابحةفلا تجعلها لحظة مخيفة لأنك بإيمانك القوي بالله ستتجاوزها. هنا فقط يمكنك أن تبتسم في حضرة الموت لأنك تعلمت كيف تواجهه.