اظهرت التحليلات الاخيرة لهيكل بعض القصائد في العصر الجاهلي بكل وضوح ان الفكرة السائدة التي تفيد بأن هذه القصائد تفتقر الى وحدة الغرض هي فكرة لم يعد لها مايبررها بعد.. فقد بينت هذه الدراسات بجلاء ان الخيط الذي يسري في تلك القصائد ويوحدها مبني على سلسلة من التضادات التي تشمل الفاقة والقضاء على هذه الفاقة والوفرة والزهد في مباهج الحياة (كما يقول اندراس هموري في كتابه حول فن الاديب العربي في القرون الوسطي الصادر عن مطبعة جامعة بيرينستون 1964 ص12) وكما يقول عدنان حيدر في دراسة له حول الشعر العربي القديم في دراسة له تحت عنوان (معلقة امرئ القيس: تركيبها ومعانيها) (الادبيات عام 1977). قسوة الصحراء وترحال القبيلة الدائم من مكان الى اخر طلبا للكلأ والقلق الناجم عن هذه الحياة غير المستقرة ومما يستتبع ذلك بالضرورة من قطع لاواصر الحب والصداقة بصورة مفاجئة والاعتقاد بنسبية كل القيم والانغماس الشديد في الحياة والادراك المرير لحتمية الموت والمحاولات الجاهدة لاستعادة اللحظات السعيدة في الماضي والجهاد الضروري لتخليد هذه اللحظات كل هذه تشكل مكونات الرؤية في العصر الجاهلي. كل هذه المفاهيم ومثيلاتها لابد ان تتبادر الى الذهن لدى القراءة الاولى لرواية النهايات (1978) دار الاداب لعبدالرحمن منيف انظر مطلع الرواية مثلا: "انه القحط.. القحط.. مرة اخرى! وفي مواسم القحط تتغير الحياة والاشياء.. حتى البشر يتغيرون.. وطباعهم تتغير تتولد في النفوس احزان تبدو غامضة اول الامر لكن لحظات الغضب التي كثيرا ماتتكرر، تفجرها بسرعة"... (ص51). التأكيد على الصحراء، على الحرارة اللاهية، اخطار الترحال، البحث عن الطعام، كل هذه السمات وغيرها تجعل هذه الرواية فريدة في الادب العربي فلقد دأب الروائيون العرب الى حد كبير على استنباط مواضيعهم من المدينة وسكانها وبصورة خاصة الطبقة البرجوازية وبذلك كانوا يحاكون المراحل الاولية على الاقل لتطور معظم تقاليد الرواية الغربية ظهرت بالطبع روايات تعالج الحياة في الريف، بدءا من رواية (زينب) لمحمد حسين هيكل وهي من اوائل الروايات في العربية وحتى (ايام الانسان السبعة) لعبدالحكيم قاسم واللتين تحدثنا عنهما في هذه الدراسة من قبل كما كانت هنالك ايضا روايات تتخذ من الصحراء مسرحا لجزء من احداثها، مثل رواية (رجال في الشمس) لغسان كنفاني غير انني لست اعرف رواية اخرى بالعربية تكرس كل اهتمامها وبدون تردد الى تصوير هذا القطاع بالذات من المجتمع العربي المعاصر. مسرح الرواية هو قرية الطيبة التي تقع على اطراف الصحراء تماما والمصاعب الكامنة في مثل هذه الحياة القاسية تعمل على خلق اواصر قوية بين سكان القرية كما تحمل ابناءها الذين خرجوا منها بحثا عن رزقهم في اماكن اخرى وخاصة في المدينة الكبيرة على العودة الى احضان القرية في اوقات الازمات وفي تلك العاصمة نفسها كان البيروقراطيون يتناقشون منذ بعض الوقت فيما اذا كانا سيبنون سدا ترابيا كبيرا قرب موقع القرية بهدف التخفيف من حدة السمات الاكثر قسوة في حياة القرية ابان فصل الحر بشكل خاص. والصيد هو احد الوسائل الرئيسية لتأمين سبل المعيشة لهذا المجتمع غير ان الافراد الاكثر تعقلا فيه يحذرون باستمرار من ان قتل الطيور والحيوانات دون تمييز لن يكون في مصلحة هؤلاء الناس وضمن هذا المفهوم ينظر سكان القرية بعين الريبة والحقد الى مجموعات الضيوف التي تأتي من المدينة لتمارس الصيد كهواية ورياضة وشأن مشروع السد تبدو المدينة في الرواية ايضا على انها شيء بعيد ذي تصرفات غير مفهومة في كثير من الاحيان بل انها معادية لاستمرار بقاء مجتمع قرية الطيبة. يصور الكاتب هذه البيئة بدقة ومهارة مذهلتين وهذا ماسنعود لمعالجته فيما بعد غير ان السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبحق هو من هم ابطال هذه الرواية وما احداثها؟ البطل الرئيسي هو مجتمع القرية ككل اذ بالرغم من ان الرواية تصور افعال الافراد غير ان الاثر الذي تحدثه هذه الافعال يرى ضمن الصورة الكلية اي صورة القرية كوحدة واحدة واي رسم للشخصيات انما ينبع من خلال وصف افعالهم هذه وليس عن طريق التحليل الداخلي و بدرجة اقل من خلال الحوار وهو قليل نسبيا في هذه الرواية ولا يتعرف القارئ في حقيقة الامر سوى على اربعة اسماء لشخصيات في هذه الرواية المكونة من 187 صفحة. هذه اذن رواية بيئة الى حد بعيد ولكن هذا لايعني انها تفتقر الى الحدث فالطريقة التي تتم فيها رواية عدد من الصور الارتجاعية التي تعيد الى الاذهان مناسبات هامة سابقة في تاريخ القرية تعطي السرد في الحقيقة عناصر معينة من القصة الشعبية وهو امر مناسب تماما لجو الرواية هنالك في الحقيقة بطل اسمه (عساف) وهو شخص وحيد صامت يعترف له الجميع بأنه امهر صياد في المنطقة وبانه الشخص الوحيد القادر على تحمل مختلف تقلبات الطقس ولطالما حذر عساف سكان القرية وزوارهم من الافراط في الصيد في المنطقة غير ان كلماته تذهب ادراج الرياح وتأتي المفارقة اذن حين يأتي اربعة من الضيوف في سيارة في احد الايام ليقوموا برحلة صيد في صبيحة اجتماع عاصف في القرية تناول الحديث فيه تضاؤل حيوانات الصيد يتوافق عساف على اخذهم الى مكان في الصحراء يعرف هو وحده انهم سيجدون فيه فرصة للصيد وحين يبدأون الصيد يطلق الاخرون عباراتهم من سياراتهم بينما يمشي عساف تحت شمس الصباح على قدميه يرافقه كلبه الوفي ويثبت عساف قدرته كصياد حين ينجح في الحصول على عشرين طيرا بينما لايفلح الاربعة في السيارة في صيد مايزيد على الخمسة وحين ترتفع الشمس في السماء يقرر الجميع التوقف لتناول طعام الغداء وبعد ذلك وبحركة اندفاع مجنونة يقرر الصيادون القادمون من المدينة ان يتابعوا الصيد رغم ان النهار قد انتصف ولسبب غير مفهوم يوافق عساف على ذلك ويمضي على قدميه ثانية بينما يستقل الاخرون السيارة وبعد ذلك تهب عاصفة رملية هائلة تحاصرهم جميعا وحين تصل نجدة لانقاذهم في اليوم التالي تعثر على الرجال الاربعة وهم بين الحياة والموت غير انهم يثوبون الى رشدهم بعد ان يقدم لهم الطعام والماء الا عساف وبعد بحث طويل يعثرون عليه شبه مدفون في الرمال وكلبه جاثم فوقه ليحميه من النسور الجارحة التي تحلق فوق جثته وكلاهما قد فارق الحياة وحين يعود الموكب الحزين الى القرية ينفجر الجميع في حزن وغضب ويحمل جسد عساف الى بيت المختار ويقضي عدد من الرجال الليلة كلها ساهرين حوله وهم يروون سلسلة اخاذة من اربع عشرة اقصوصة متفاوتة الطول اخذت قصتان من تلك القصص من كتاب (الحيوان) للجاحظ غير انها بمضمونها جميعا مناسبة تماما لجو الرواية اذ انها تتعلق جميعا بحوادث عن الحيوانات والطيور والكلاب والوعول والقطط والغزلان وفي الصباح يمضي بناء القرية ابو زكو الذي يقال لنا بتهكم لاذع بانه يبني القبور ايضا لكي يعد للدفن اما الصفحات الاخيرة من الرواية فهي مكرسة برمتها لوصف موكب الجنازة وهو في طريقه الى المقبرة حيث لايشارك ابناء القرية جميعا فيها فحسب بل ابناؤها الذين جاؤوا من المدينة بهذه المناسبة اضافة الى اناس من المنطقة المحيطة برمتها وحين يتفرق الناس عائدين الى بيوتهم بعد الدفن تتوجه مجموعة من الرجال الى المدينة لكي تقوم بمحاولة اخيرة للعمل على بناء السد الترابي طمعا في انقاذ قرية الطيبة من هجمات الطبيعة القاسية الشرسة. يشارك الاشخاص الذين ذكرناهم في سلسلة الاحداث بترتيبها الزمني المعتاد غير ان الرواية كما اشرنا من قبل ليست رواية افراد بل قصة مجتمع القرية ككل في صراعه المستمر مع قوى الطبيعة ويصبح هذا اكثر وضوحا حين نتمعن بالهيئة التي يتخذها هذا العمل الادبي فالثلث الاول من الرواية برمته خصص لوصف القرية ومايحيط بها وسكانها ومشاكلها التي تستمر على مدار السنة لتأمين ادنى مستلزمات المعيشة. تأتي الرواية على ذكر قرية الطيبة في الفصل الاول (تجدر الاشارة الى ان الفصول غير مرقمة) اما الفصل الثاني فهو يحاول رسم الملامح العامة لشخصية سكانها وهنا نعرف حقيقة تكتسب بعض الاهمية في المراحل التالية من الرواية (ص11) كان اهل الطيبة يعرفون كيف يدبرون الحديث بتلك الطريقة العجيبة التي تجعل الامور ذات اهمية شديدة وهذه الميزة التي يتوارثها الابناء عن الاباء تجعلهم في نظر الكثيرين نوعا خاصا من الناس وتجعلهم اكثر من ذلك قادرين على التأثير في الآخرين.. اما الفصل الثالث فيقدم لنا وصفا لبنية البيئة المحيطة: (ص25). (الطيبة بداية الصحراء.. اما من ناحية الجنوب فكانت الارض تشحب تدريجيا وتخالطها الحجارة الكلسية، وتبدأ تقفز ذراعا بعد اخر حتى تتحول في بداية الافق الى كثبان رملية.. وبعد ذلك تبدأ الصحراء). يستمر هذا التأكيد على الملامح التجريدية للقرية وما يحيط بها لفصول عديدة ونعرف عرضا بان الاحداث التي ستتلو وقعت في وقت ما بعد الحرب (ص25) غير انه لا يبدو ان هناك حاجة لاي تخصيص اخر اكثر دقة بالنسبة للزمن شأن رسم الشخصيات، كهدف محدد للرواية. وبذلك يتم التأكيد، ربما بصورة شبه لا واعية، على الطبيعة غير المتغيرة، والتي قد لا تتغير لطبيعة هذا الوجود. وبعد ذلك واثر وصف لسنة شاهدت صيدا مجنونا تأتي الرواية على ذكر اول شخصياتها، اي (عساف) الذي يصب عليه اللوم بسبب هذا الجنون: (كل البلاء من ذلك المجنون الكبير عساف) (ص27) اما الفصل الذي يتلو ذلك فهو وصف لشخصية عساف كما يراها الاخرون (علاوة على وصف لكلبه الاعور) ص31. يصبح الزمن في الفصل التالي اكثر تحديدا (هذه السنة ليست مثل اية سنة سابقة..) لاتذكر لنا اية سنة هي هذه غير ان الوضع تحول من وصف لا تحده تقريبا اية حدود زمنية الى سلسلة الاحداث التي ستصل بالرواية الى ذروتها فنذر القحط الشديد تنذر كلها بالسوء والادهى من ذلك ان امطار الربيع جاءت مبكرة ولم تكن ذات فائدة تذكر وحين تزداد الحالة سوءا يرسل ابناء القرية الذين سكنوا المدينة مؤونات متنوعة ثم يعودون بأنفسهم الى القرية. (ما كادت ارجلهم تطأ ارض الطيبة وعيونهم تلامس بيوتها حتى احسوا بالحزن العميق ولاموا انفسهم كثيرا انهم تأخروا حتى هذا الوقت وشعروا بتأنيب الضمير حين قارنوا حياتهم في المدينة بحياة الناس في الطيبة. ولكن هذا الحزن وهذا الندم تراجعا بسرعة ليحل مكانهما الرغبة القوية في ان يفعلوا شيئا لعل الطيبة تنجو هذه المرة ولعلها تحيا وتستمر الى ان يبنى السد) (ص50). وخلال هذا التحول من الزمن والوضع اللامحدود الى المحدود يصل الضيوف الاربعة (عند عصر ذلك اليوم عند نهاية فصل الصيف وصل ضيوف اربعة في سيارتين يرافقهم اصدقاء لهم من الطيبة) وهكذا يتهيأ المسرح لسلسلة الاحداث التي تستغرق باقي اجزاء الرواية. وحين يعود فريق الصيد الى القرية مع جثمان عساف ويجتمع الرجال في بيت المختار يتغير نظم القصة ثانية ويتجمد الزمن من جديد متيحا لسلسلة القصص كي تظهر غير ان هذه القصص ليست خارجة عن اطار الرواية نظرا لانها تتعلق بالحيوانات وبذا فهي تساهم في رسم الصورة العامة للقرويين واهتماماتهم. بل ان بعض هذه القصص تلمح بصورة خاصة الى العبرة المستنبطة من تحذيرات عساف اثناء حياته ومن موتة المجاني هناك مثلا قصة الرجل الذي يحس بالمرارة لانه فشل في احد الايام في صيد وعل جبلي. ويجد الوعل نفسه في اليوم التالي وكان من دواعي دهشته ان يجده وهو يقف بسكون مطلق غير معهود يطلق ناره ويسمع في اللحظة التالية صرخة الوعل وبعد ذلك استقبله منظر لا ينساه: (في الخطوة الاخيرة.. قبل ان يلتقط بنظراته الملتهبة قرون الوعل كان الجدي الصغير قد تدلى رأسه وقسم صغير من جسده، ورأى الام تميل ناحية اليمين قليلا.. لكن تحاول بقوة ان تدفع المخلوق الجديد الى النور.. تحاول ان تخلصه منها قبل الموت ونظرت اليه كانت عيناها مليئتين بالدموع) ص117. صورة بغيضة اخرى من صور التدمير الطائش العابث والتي تتجسد في شخصية البيك: (كانت عيناه مليئتين بالقسوة.. حتى وهو يضحك اما اذا نظر الى احد نظرة تأنيب او سخرية فكان الخوف يمتزج برغبة الهرب...) ص160. كان البيك يأتي الى القرية بسيارة شحن ركب عليها في مكان الحمولة كرسي دوار ليقوم برحلة قتل مجنونة: (كل كلمات الارض لا تصف ما حصل.. كان ازيز الرصاص وهو يتطاير يخلق مهرجانا مدويا مرعبا في الصحراء الفسيحة.. كانت قطعان الغزلان وهي تتراكض بذعر مجنون في كل الاتجاهات تخلق حالة من الرعب.. اما البيك الذي كان يصرخ مع كل رشاش فكان اقرب الى الثمل والجنون...) ص164. قد لا يكون من دواعي الدهشة ان موت عساف قد اتخذ كل تلك الابعاد التي حولت من جنازته الى عملية تطهير جماعي لمجتمع القرية ككل، وذلك بعد تلك السلسلة من القصص التي تستعرض حب الانسان للحيوانات واعجابه بها والسمات التي تبديها تلك الحيوانات ازاء بعضها البعض بل حتى ازاء بني الانسان واشمئزاز الانسان من اولئك الذين يسيئون للطبيعة ويعملون على تدميرها خصوصا ان عساف طالما كان يحذرهم من هذه الامور ومن النتائج التي ستنجم عنها ولقد بلغت العواطف التي خلقها سهر الرجال طوال الليل حول جثة عساف وعودة كل هذا العدد من ابناء القرية اليها للمشاركة في الجنازة ومجيء اناس من المناطق المجاورة، بلغت تلك العواطف درجة من الحدة حتى ان نساء القرية اللاتي لم نسمع اي شيء عنهن طول الرواية يظهرن امام قبر عساف ليبدأن بأداء حركات ادائية لرقصة منتظمة موزونة ترافقها صرخات تعطيها انتظاما ادق ووزنا اوضح (وكل ذلك كان يجري دون اعتراض من الرجال او تدخل) ص180، كما تشير الرواية وحين يعود الجميع الى القرية نستشعر تصميما جديدا في الجو احد دلائله سفر عدد من الرجال الى المدينة وكما يقول المختار: (اذا وافقوا على بناء السد فسوف اعود على ظهر بلدوزر لكي يبدأ العمل ولكي تبدأ الطيبة تعرف معنى الحياة بدل هذا الموت الذي تعيشه كل يوم) ص183. لقد ذهب ابناء القرية الى المدينةمرات عديدة للغرض ذاته من قبل بالطبع ولكن مع نهاية (النهايات) يبقى لدينا انطباع قوي بان اثر موت عساف اقوى من ان يسمح بتكرار ما حدث في المرات السابقة بل ان موته ومغزى هذا الموت قد يأتيان ببعض الفرج بالنسبة للقرية وسكانها الذين طال بهم الكفاح. الفصل الخامس خاتمة لدى اعدادي سلسلة المحاضرات العامة التي بنيت على اساسها هذا الكتاب كانت نهاية عام 1979 هي نقطة النهاية التي وجدتها مناسبة لذلك وفي الوقت نفسه عقد مؤتمر حول الرواية العربية في مدينة فاس بالمغرب ونشرت محاضر اجتماعاته في مجلة الآداب عدد فبراير مارس 1980 بينما نشرت المجلة نفسها مناقشات المؤتمر في عدد ابريل مايو 1980 وقد شارك في ذلك المؤتمر العديد من الروائيين الذين ناقشنا اعمالهم في هذا الكتاب ومنهم عبدالرحمن منيف وسهيل ادريس وعبدالكريم غلاب وادوار خراط وعبدالحكيم قاسم وصنع الله ابراهيم كما حضره عدد من النقاد المرموقين وكان نطاق الدراسات التي القيت في المؤتمر واسعا ومتنوعا كما هو متوقع وكانت المناقشات التي تلت ذلك حيوية جدا وقد يعود السبب في ذلك الى ان انعقاد المؤتمر في المغرب قد اتاح الفرصة لعدد من الكتاب (الذين طالما وجدوا انفسهم وسط صعوبات سياسية معينة بسبب معتقداتهم واقوالهم اتاح لهم الفرصة لكي يحضروا المؤتمر ويعبروا عن انفسهم بصورة جلية حول مواضيع الرواية وكاتبها ضمن نطاق المجتمع العربي المعاصر. وقد حاولنا الاستفادة من هذه الدراسات ومن المناقشات التي تلتها لدى اعداد هذه الدراسة الموسعة المبنية على المحاضرات الاصلية التي كنت قد القيتها. حاولنا في الفصول السابقة ان نتتبع تطور الرواية كنمط ادبي في العالم العربي وان نبين السبل التي انتهجتها الرواية لكي تحقق ما عبر عنه جوزيف كامبل بقوله: ان تراقب بشجاعة وبعيون مفتوحة الاشكال السائدة امامنا ومن حولنا. من كتاب الرواية العربية مقدمة تاريخية لروجر الن روجر الن